تجدد أمس بعد صلاة الجمعة بغرداية أعمال العنف عبر مختلف الأحياء خلفت أكثر من 40 جريحا، إضافة إلى خسائر مادية معتبرة، في ظل سيطرة الملثمين على الأوضاع. بعد سحب عدة وحدات أمنية ونقلها إلى خارج الولاية غرداية تحت قبضة الملثمين دخان كثيف يخيم على المدينة
ظهرت صباح أمس بمجرد طلوع أشعة الشمس معالم الكارثة التي حلت بمدينة غرداية ليلة أول أمس والمتمثلة في تعرض حوالي 50 محلا تجاريا و20 بيتا للتخريب والحرق في منظر لا يبشر بأن المدينة ستستعيد هدوءها في المستقبل. كشف مصدر مسؤول من ولاية غرداية أن المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الوطني خفضت من تعداد قواتها العاملة في غرداية بأكثر من 40%، وسحبت 15 وحدة تدخل كاملة تم توجيه أغلبها إلى الجزائر العاصمة ومدينة ورقلة، وأدت هذه الوضعية إلى تجدد المواجهات، وهو ما يعني أن وزير الداخلية غيّر رأيه بخصوص التعامل مع أعمال العنف في مدينة غرداية، حيث كان قد أمر ببقاء ما لا يقل عن 6 آلاف عنصر شرطة ودرك في غرداية، وقال المصدر المسؤول ذاته إن تحسن الوضع في غرداية خلال الأسبوعين الأخيرين واندلاع أعمال العنف في ورقلة المجاورة فرض نقل بعض القوات التي كانت في مدينة غرداية إلى ورقلة المجاورة. قال ممثلون عن الضحايا من تجار وأرباب أسر إن ما لا يقل عن 50 محلا تجاريا في عدة مواقع بمدينة غرداية وأكثر من 20 منزلا جديدا تم حرقه ونهبه، بعض المحلات التجارية التي تعرضت للتخريب مساء أول أمس كانت تحتوي على كميات ضخمة من السلع، وقد منع بعض الشباب الملثمين الذين تحولوا بحكم الواقع إلى حاكم فعلي للمدينة فرق الإطفاء من التدخل حتى أتت النيران على أغلب محتويات بقايا المنازل والمحلات التجارية. وقال شهود عيان من الأحياء التي وقعت فيها عمليات النهب إن منظر الملثمين وهم يحملون محتويات البيوت والمحلات التجارية ثم يتقاسمونها فيما بينهم بدا أمرا عاديا، وطالت عمليات التخريب بعض المرافق الإدارية، حيث تعرضت مكاتب تابعة للبريد وبعض المرافق التابعة لبلدية غرداية للتخريب أيضا، وإلى غاية يوم أمس كانت مجموعات الملثمين تسيطر على المواقع التي تم تخريبها وتمنع وصول أي غريب إليها في مشهد مأساوي غريب. واستغرب ضحايا أعمال العنف التي تجددت في غرداية من طريقة تعامل وحدات التدخل الموجودة في غرداية مع مجموعات الملثمين التي تسيطر على بعض الأحياء بنفس الطريقة التي يتم تطبيقها أثناء المظاهرات والمسيرات السلمية، والمثير هنا هو أن وحدات مكافحة الشغب كانت تطلق القنابل المسيلة للدموع على أشخاص يحملون ترسانة من الأسلحة البيضاء كالسيوف والزجاجات الحارقة، وهو ما يعني عدم تناسب المواجهة غير المتكافئة، والمثير أكثر هو العدد القليل للموقوفين. ولا يختلف المشهد في بعض أحياء غرداية التي سيطر عليها ملثمون طيلة نهار الخميس ومساءه عن مشهد الحرب، حيث أقام شباب ملثمون حواجز مزيفة وفتشوا سيارات وكانوا يحملون أسلحة بيضاء، وفي كل مرة تطردهم وحدات التدخل التابعة للشرطة من مكان يقيمون حواجزهم في موقع آخر، وتعرض عشرات المواطنين للضرب المبرح في هذه الحواجز وكسرت سيارات وأحرقت دراجات نارية. وفي مشهد مؤسف ارتفعت سحب الدخان المنبعثة من عدة أحياء بمدينة غرداية بفعل النيران التي التهمت بعض البيوت والمحلات التجارية وبسبب استعمال قوات الشرطة للآلاف من قنابل الغاز المسيل للدموع، ولا شيء يوحي بأن المدينة لا تعيش حالة حرب، فالإدارات مشلولة ولا وجود لأية حركة تجارية والعشرات من الملثمين يتجولون في الشوارع بعضهم يحمل أسلحة بيضاء. أما قوات مكافحة الشغب التي تواصل قدومها إلى المدينة طيلة نهار أمس فإنها عجزت عن تطويق الوضع، بل إن عدد المصابين في صفوفها فاق 40 مصابا أغلبهم أصيب بحروق وبكسور بسبب تعرضهم للرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة، والمثير في المشهد هو أن السلاح الذي يحمله أفراد الشرطة ليس بالحجم الذي يحمله المشاركون في أعمال العنف، فمن جهة يحمل الملثمون مقاليع وزجاجات حارقة ويقذفون قطعا حديدية، ليرد عليهم أفراد الشرطة بالغاز المسيل للدموع والذي لم يعد يجدي نفعا مع هؤلاء الأشخاص.