أثار التصريح الأخير الذي بثته قناة "النهار" لمدير حملة الرئيس بوتفليقة عبد المالك سلال، ردود فعل ساخطة على شبكة التواصل الاجتماعي، خاصة من قبل سكان منطقة الأوراس الذين تعرض لهم سلال بعبارات جارحة. ظهر سلال في لقاء مع مديري الحملة الانتخابية للرئيس المترشح، وأثناء مبادلتهم التحية أطلق الوزير الأول الذي استدعي مؤخرا لإدارة حملة بوتفليقة العنان لمزاحه المعتاد قائلا “علابالك في قسنطينة واش يقولو؟ شاوي حاشا رزق ربي”. وهي عبارة شعبية عند سكان قسنطينة تقابلها عبارات مشابهة عند سكان الأوراس عن القسنطينيين، شأنهم في ذلك شأن سكان مختلف ولايات الوطن الذين يتبادلون الألقاب عن بعضهم البعض. لكن عندما ينتقل المزاح إلى الخطاب الرسمي لأعضاء الحكومة وفي سياق حملة انتخابية، تدخل عبارة سلال في خانة “التصريحات الداعية للعنصرية” التي يعاقب عليها القانون في كل دول العالم. وليست المرة الأولى التي يتعرض فيها سلال لانتقادات لاذعة عن تصريحاته العفوية، بدءا من تلك التي أطلقها في افتتاحه لمنتدى تربوي بالعاصمة، حيث خلط الوزير الأول بين القرآن الكريم واعتبر آية قرآنية قولا شعريا، مرورا بخطئه في جمع الفقير باللغة العربية، ثم تشبيه وزيرة الثقافة خليدة تومي ب“الخنفوسة”... والظاهر أن سلال لم يتأقلم مع منصبه الجديد في الحكومة، وهو الذي تولى حقائب وزارية عديدة منذ الاستنجاد به لأول مرة كوزير للداخلية في رئاسيات سنة 99. فمعروف عن سلال خفة روحه عند كل من يعرفونه في الأوساط الرسمية والصحفيين. لكن منصب الوزير الأول جعل الرجل في مواجهة مباشرة أمام الرأي العام، ما يستوجب منه بذل جهد لالتزام الجدية في تصريحاته، كون ملايين الجزائريين غير مطالبين بمعرفة عقلية عبد الملك سلال. وما عقد الوضعية على الرجل أكثر هو اقتناعه بضرورة الحديث بلغة الشعب، وهي خيار من بين عدة خيارات في تواصل المسؤولين مع الرأي العام، لكن وفق قواعد معينة كان على سلال أن يلتزم بها. وعكس ذلك سبق للوزير الأول الأسبق أن استعمل عبارة شعبية أخرى ليبرر تصريحاته قائلا “لي يحبني يحبني بخنونتي”، لكن في تصريحه الأخير حول أبناء الشاوية شعر سلال بالخطأ، حيث عاتب صحفي القناة التي بثت تصريحه على انفراد بمناسبة تجمع المساندين للعهدة الرابعة أمس، قائلا له “لعبتوها بيَ”، كما توجه للرأي العام مباشرة عبر نفس القناة لتبرير موقفه. وظهر سلال في شاشة التلفزيون دون ربطة عنق وملامحه جد متأثرة، ليعترف صراحة أنه لم يكن ينتظر أن تأخذ القضية هذه الأبعاد. ومن بين ما قاله سلال أيضا في تبرير موقفه “الجزائريون يعرفونني، أنا رجل يحب التنكيت... أنا فخور بسكان الأوراس الأشم وفخور بكل الجزائريين”، مشيرا إلى أنه أعطى توجيهات لكل مديري حملة بوتفليقة ليجعلوا هذه الحملة “نظيفة”، محملا المسؤولية لمن قال إنهم “أولوا تصريحاته”.