استغل نشطاء سياسيون وحقوقيون ومواطنون وبعض المنتمين إلى الحركات الجمعوية والأحزاب السياسية المعارضة للعهدة الرابعة، الهفوة الكلامية التي اقترفها عبد المالك سلال، لتغذية وتنشيط وتدعيم موقف الرافضين لترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، كما فتحت هذه التصريحات جبهة أخرى على الأحزاب المساندة للرئيس بوتفليقة التي وجدت نفسها مضطرة لتبرير "هفوة" سلال، باعتباره واحدا منهم، بل ومدير حملة الرئيس المترشح بوتفليقة، خاصة أن هفوة سلال جاءت أسبوعا واحدا فقط قبل موعد انطلاق الحملة الانتخابية يوم 23 مارس الجاري، مما جعل معسكر "العهدة الرابعة" تائها وغير منظم قبيل أسبوع من الانطلاق الرسمي للحملة الانتخابية. فبعد الانتقادات التي وجهها كل من المترشح المقصى رشيد نكاز والمترشح المنسحب رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان، والمترشح علي بن فليس، والمترشح موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، وكلهم معارضون للعهدة الرابعة، ها هي حركة النهضة تلتحق بركب المنتقدين لعبد المالك سلال، حيث استنكرت أمس في بيان لها التصريح الذي أدلى به بعض مسؤولي الحكومة في خطاباتهم الأخيرة، معتبرة أنها تصريحات "تمس بكرامة الشعب الجزائري، وتسعى لغرس الفتنة والبلبلة بين أبناء الشعب الواحد"، وتساءلت حركة النهضة "ما الذي يحدث؟ هل وصل جنون السلطة إلى تدمير الجزائر في دينها وتماسك هويتها ولعن شعبها وتفكيك مناطقها، الأمر الذي يساعد على تحويل الجزائر إلى عشائر وقبائل متفرقة ستحوِل البلاد إلى بؤرة لا تعرف الاستقرار... خاصة أمام ما تعرفه غرداية لتلتحق بها ولاية باتنة". وقالت حركة النهضة إنه بعدما هدأت منطقة القبائل من الفوضى، وفي الوقت الذي تشتعل الأحداث اليوم في غرداية وتتوارد أخبار عن فتنة جديدة في منطقة الشاوية وهذا مؤشر عن حرب أهلية وشيكة في الجزائر". وأدانت النهضة بشدة تصريحات عبد المالك سلال، متهمة إياه بتورطه في محاولة إشعال نار الفتنة بمنطقة الأوراس، كما أعربت الحركة عن قلقها وأسفها الشديد واستنكارها لتصريح سلال الذي قالت بأنه لم تشفع له الجزائر وذمة المنصب الذي تولاه باسم الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ليشعل منطقة الأوراس الأشم ناراً قد تأكل كل أخضر ويابس لا قدر الله بسبب تصريحه. وكان المترشح علي بن فليس قد وصف تصريح سلال بأنه سلوك لا مسؤول ومتهور وينم عن غياب ثقافة الدولة ويكشف السلوك السلبي الذي يطبع هذه الحملة التي تتميز بنظرة الاحتقار والاستهانة بالشعب وبقيمه. وتسارعت الأحداث مثل كرة الثلج، وبُث التصريح "الخطير" على مواقع التواصل الاجتماعي صوتا وصورة، حيث عجت هذه الأخيرة بسيل من الغضب والتعليقات الساخطة على سلال، وهو ما زاد من حدة الغضب، وأثار فتنة بولايات الشرق أم البواقي، سوق أهراس، خنشلة، باتنة.. التي خرج سكانها للتعبير عن سخطهم من الوصف الذي طالهم، ووصل بعضهم لحد المطالبة بمنع سلال من تقلد المناصب في الدولة، والمطالبة بإقالته من إدارة الحملة الانتخابية لبوتفليقة، والتهديد بعدم استقباله في الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة، فيما دعا بعضهم إلى تشكيل تنسيقية أطلقوا عليها "تنسيقية عروش الأوراس"، ودعا آخرون إلى الخروج في مسيرة بالشوارع يوم الخميس المقبل للتعبير عن غضبهم وتنديدهم بتصريحات سلال، كل هذا مما اضطر سلال إلى تقديم "اعتذار" للشاوية، قائلا "الجزائريون يعرفونني، أنا رجل يحب التنكيت... أنا فخور بسكان الأوراس الأشم وفخور بكل الجزائريين، إلا أن اعتذاراته لم تلق استجابة لدى "الشاوية". وقد خرج رئيس لجنة الشؤون الخارجية، بمجلس الأمة، السيناتور إبراهيم بولحية، عن صمته مدافعا عن الوزير الأول السابق، عبد المالك سلال، ومدير حملة المترشح عبد العزيز بوتفليقة، رافضا الاستثمار السياسي في "مزحة" كانت بينه وبين سلال الصديق، عندما خاطبه بالقول: "الشاوية حاشا رزق ربي".