وضعت مصالح الأمن بسطيف مؤخرا، يدها على كميات معتبرة من الأدوية المقلدة كانت موجهة للاستعمال البشري، جرى تصنيعها في ورشات سرية تتخذ من أقبية العمارات ومستودعات المساكن بضواحي المدينة، عنوانا لها، ويشرف عليها مهاجرون غير شرعيون قدموا من دول الساحل. حسب ما وقفت عليه “الخبر” بمعمل سري، يتخذ من أحد ضواحي مدينة سطيف مقرا له، والمعلومات المستقاة من مصالح الأمن، فإن كثرة المحجوزات لدى مصالح الأمن، دفعت هذه الأخيرة للتحري حول طبيعة نشاط عصابات منظمة تعمل بالتواطؤ مع تجار محليين، والبحث عن مصادرتموين بعض المنحرفين بعشرات الآلاف من الأقراص المهلوسة والأدوية الموجهة لتسكين الصداع ومضاعفات الأمراض العقلية والأعصاب. وقد أظهرت نتائج التحريات بأن مصدرها الأول هي دول الساحل على غرار النيجر ومالي والتشاد، وأيضا ليبيريا وغيرها من البلدان التي تحتضن شبكات منظمة تتجاوز حدود الأوطان، تمتهن تجارة الأدوية المغشوشة والحبوب المهلوسة. ومن خلال استقرارها بضواحي مدينة سطيف، تقوم هذه العصابات بتقليد هذه الأدوية التي يتم تداولها في الشارع وفي الساحات العامة بطريقة سرية، مستغلة في ذلك شبكات مكونة من أفراد ينشطون ضمن خلايا تظهر فقط لتسليم الطلبيات وسط الزحام، ثم تختفي. وحسب ما اطلعت عليه “الخبر”، فإن عملية تقليد هذه الأدوية تتم بطرق مقززة لا تراعى فيها أدنى شروط النظافة، حيث كشفت نتائج التحاليل التي أجرتها مصالح الأمن على بعض ما تم مصادرته من أدوية، كانت بحوزة بعض مروجيها الذين سقطوا في كمائن محكمة في الآونة الأخيرة، أنها مصنوعة من مواد خطيرة يدخل في تركيبها المقلدون مبيدات الحشرات المتداولة في السوق. وتمزج هذه الخلاصات الطبية المقلدة بعد ذلك بمواد شبه صيدلانية وأدوية مهدئة، على غرار مزجها بدواء “آلدول”، الذي يوصف عادة لكبار المجانين. والأخطر من كل هذا ثبت بأن المقلدين يستعملون حتى فضلات البشر لصناعة حبات الريفوتريل، وبعد إنهاء عملية التقليد تأتي عملية التهريب، حيث يعمد بعضهم إلى تهريب هذه المنتوجات العفنة عبر حدود الجزائر الشاسعة جدا، على غرار حدود ولايات تمنراست، وغيرها، وبعدما تتم عملية تهريب المواد الأولية بنجاح، يأتي دور المعلبين الذين يقومون بعملية تعليب هذه المهلوسات في علب تبدو أصلية ويستعمل المقلدون علامات عديدة، منها علامة “صيدال”، ليتم وضعها في علب كبيرة، لتأتي عملية أخرى تتعلق بتهريب المهلوسات من الحدود وعمق الصحراء إلى ولايات الشمال، وفي كل ولاية يتكفل بعضهم بترويج هذه السلع “المتعفنة” محليا، ليستهلكها في نهاية المطاف شبان سرعان ما يصبحون مدمنون عليها. أخطر من الكيف والخمور كشف بعض من وقعوا في هذه الشبكات ل “الخبر”، بعد أن انتشلوا من قبضتها، بعد عمل جواري قامت به مصالح الأمن بالتعاون مع أوليائهم، بأن هذه الأدوية التي تستهلك على أنها مهدئات للصداع بالتحديد، تنطوي على خطر حقيقي، صحيا وعقليا، حيث يفقد مستهلكها القدرة على التحكم في نفسه ولا يقدر على التفريق بين زوجته وأخته وأمه، حسب شهادات أحدهم. وتجدر الإشارة إلى أن مصالح الأمن، قامت بحجز ما لا يقل عن 73 ألف قرص من الأدوية المقلدة.