اعتقلت قوات الشرطة، صباح أمس، عشرات الشبان معظمهم طلبة أمام دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو، تزامنا مع التجمع الشعبي الذي نشطه مدير حملة بوتفليقة، عبد المالك سلال. وتعرض عدد من الصحفيين لتعنيف غير مسبوق على أيدي الشرطة التي حاولت اعتقال بعضهم. حملة الاعتقالات شرعت فيها قوات الشرطة في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا، قبل أن يصل سلال إلى القاعة التي شهدت تعزيزات أمنية لم تعرفها في أي تجمع انتخابي منذ سنوات، حيث أغلقت بعض المنافذ المؤدية نحوها، وذلك لتمكين سلال من الولوج إلى القاعة تخوفا من تكرار ما حدث بولاية بجاية أول أمس. وقد أظهرت قوات الأمن شراسة غير معهودة، حيث تدخلت بالقوة واعتقلت عشرات الشبان تم اقتيادهم لمحافظة الشرطة المقابلة للقاعة، ولم يتردد المعتقلون في تحويل مكاتب محافظة الشرطة إلى مكان للاحتجاج رددوا خلالها شعارات مناوئة للسلطة على غرار “النظام مجرم”، “بوتفليقة – أويحيى، حكومة إرهابية”، ما دفع بعناصر الشرطة إلى التدخل بقوة ثانية وإغلاق نوافذ مكاتب المحافظة على الأقل حتى لا يخرج صوت المحتجين خارج أسوار هذه البناية الأمنية. ورغم اعتقال أعداد أخرى من الطلبة على مستوى مفترق الطرق جرجرة، معظمهم طلبة جامعيون أتوا من الجامعة باتجاه دار الثقافة، إلا أن عدد المحتجين كان في تزايد، بعد أن شرع سلال في إلقاء خطابه داخل القاعة، وحاول المتظاهرون تنظيم مسيرة، إلا أن قوات الشرطة منعتهم بالعنف، ما دفع بهؤلاء إلى مواصلة اعتصامهم في رصيف الطريق المحاذي لدار الثقافة، ورفعوا عدة شعارات من بينها “نظام خونة يدير شؤون بلد الشهداء”، “النظام ودي.أر.أس ارحلوا”، “منطقة القبائل ليست للبيع”، كما لم يتردد المحتجون في تمزيق صور الرئيس المترشح وحرقها أمام أعين الشرطة. ورغم أن عبد المالك سلال اختصر خطابه وغادر القاعة سريعا تحت إجراءات أمنية استثنائية، فإن المحتجين واصلوا مظاهراتهم، حيث حاولوا اقتحام محافظة الشرطة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، قبل أن يتنقلوا إلى مفترق الطرق جرجرة أين انطلقت مسيرة نحو جامعة مولود معمري. وقد طاف عبد المالك سلال وسط “حشود” من أنصار الرئيس المترشح داخل ساحة دار الثقافة مولود معمري، وسلطت على هذه التحركات أضواء كاميرات “اليتيمة” وبعض القنوات “الخاصة” لتصوير هذا المشهد وتقديمه في النشرات الإخبارية، لإيهام الناس بأن سلال سار وسط الحشود في شوارع المدينة، في الوقت الذي تم تجنيد مختلف مصالح الأمن بالآلاف لتمكينه من دخول القاعة التي نشط بها التجمع. ولم يسبق للصحفيين العاملين بولاية تيزي وزو أن تعرضوا لاستفزازات وإهانة مثلما حدث نهار أمس. فقبل دخول سلال إلى القاعة، أمر أعوان الشرطة الصحفيين الواقفين بالرصيف المحاذي للقاعة بمغادرة المكان فورا. ورغم إظهارنا للبطاقات المهنية، إلا أن أعوان الشرطة حاولوا اعتقال مراسلي “الخبر” و”الوطن” و”لوسوار دالجيري” تحت تهمة غريبة اسمها “عرقلة النظام العام”، وعاود أعوان الشرطة ثانية محاولة اعتقال مراسل “الخبر” بحجة أخذ الصور لواجهة محافظة الشرطة، يحدث هذا في تجمع لمدير حملة مترشح كثيرا ما يتغنى بالدفاع عن حرية التعبير. فما مصير هذه الحرية بعد الانتخابات التي تشير كل الاحتمالات إلى فوز هذا المترشح بعهدة رابعة؟