عن أبي مالك الأشعري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “الطُّهورُ شَطْرُ الإيمانِ، والحَمْدُ للّه تَملأُ المِيزانَ، وسُبحَانَ اللّه والحَمْدُ للّه تَملآنِ أو تَملأُ ما بَيْنَ السَّماواتِ والأرْضِ، والصَّلاةُ نورٌ، والصَّدقَةُ بُرهَانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والقُرآنُ حُجَّةٌ لك أو عَلَيكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبائعٌ نَفْسَهُ، فمُعْتِقُها أو مُوبِقها” رواه مسلم. فقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: “الطّهور شطرُ الإيمان” أي التَّطهُّر بالماء من الأحداث. والشّطر هنا: الجزءُ، لا أنَّه النصفُ بعينه، فيكونُ الطّهور جزءًا مِنَ الإيمان، وهذا فيه ضعف؛ لأنَّ الشطر إنَّما يُعْرَفُ استعمالُه لغة في النِّصف؛ ولأنَّ في حديث الرّجلِ من بني سُليم: “الطّهورُ نصف الإيمان” كما سبق. وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: “والحمدُ للّه تملأ الميزانَ، وسبحان اللّه والحمد للّه تملآن أو تملأُ ما بَيْنَ السّماوات والأرض” فهذا شكٌّ مِن الرّاوي في لفظه، وفي رواية النَّسائي وابن ماجه: “والتّسبيح والتّكبير مِلءُ السّماء والأرض”، وقد قيل: إنَّه ضربُ مثل، وأنَّ المعنى: لو كان الحمدُ جسمًا لملأ الميزان. وقولُه عليه الصّلاة والسّلام: “والصلاةُ نورٌ، والصّدقةُ برهانٌ، والصّبرُ ضياءٌ” فهذه الأنواع الثلاثةُ من الأعمال أنوارٌ كلُّها، لكن منها ما يختصُّ بنوعٍ من أنواع النُّور، فالصَّلاةُ نورٌ مطلق، عن أنسٍ رضي اللّه عنه عِنِ النَّبيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “الصّلاةُ نور المؤمنِ”. وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: “والقرآنُ حجةٌ لك أو عليك” قال بعضُ السَّلف: ما جالسَ أحدٌ القرآنَ فقام عنه سالمًا؛ بل إمَّا أنْ يربح أو أنْ يخسرَ، ثمَّ تلا هذه الآية. وقوله عليه الصّلاة والسّلام: “كلُّ النَّاس يغدو، فبائعٌ نفسه فمعتِقُها أو موبقها”، والمعنى على أنّ كلَّ إنسان فهو ساعٍ في هلاك نفسه، أو في فِكاكِها، فمَن سعى في طاعة اللّه، فقد باع نفسَه للّه، وأعتقها من عذابه، ومَن سعى في معصيةِ اللّه، فقد باعَ نفسَه بالهوان، وأوبقها بالآثام الموجبة لغضب اللّه وعقابه.