إنّ من أفضل الأعمال وأحبّها إلى الله تعالى الصّدقة على الفقراء والمحتاجين، وهي دليل على صحة إيمان العبد بربّه، ويقينه بأنّ الرزق بيد الله تعالى وحده. قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ} سبأ .24 المؤمن يدرك قيمة التكافل، وأنه لا يعيش لنفسه فقط، وأنّ عليه أن يعطي الفقراء والمحتاجين من مال الله الّذي هو مستخلف عليه. قال الله تعالى: {آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} الحديد .7 وعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: بينما نحن معِ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر، إذ جاء رجل على ناقة له، فجعل يَصْرِفُها يمينًا وشمالاً، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''من كان عنده فَضْل ظَهْرٍ، فليَعدْ به على مَنْ لا ظهر له. ومن كان عنده فَضْلُ زادٍ، فَلْيَعدْ به على مَنْ لا زادَ له. حتّى ظننا أنّه لا حَقَّ لأحد منَّا في الفَضْلِ'' رواه أبو داود. لذا، حثّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، أمته، رجالاً ونساءً، على التصدّق. عن أَبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ''يا رسول الله، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قال: أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ، أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ، وَلاَ تَمَهَّلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلاَنٍ كَذَا، وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ'' أخرجه أحمد والبخاري ومسلم. والصّدقة في الإسلام فضلها عظيم وأثرها عميم، ولها فضائل كثيرة، منها: * الصّدقة برهان ودليل على إيمان العبد: من صفات أهل الإيمان أنّهم يؤدّون ما عليهم من صدقات وزكوات، ابتغاء مرضاة الله تعالى، لأنّ في ذلك هُدًى وضياء لهم وسط ظلمات الحياة. عن أبي الحارث بن عاصم الأشعري، رضي الله عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: ''الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السّماء والأرض، والصّلاة نور، والصّدقة برهان، والصّبر ضياء، والقرآن حجّة لك أو حجة عليك كلّ النّاس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها'' أخرجه مسلم. * الصّدقة سبب لحصول البركة: وهي سبب في حصول الخير ونزول البركة، فالله سبحانه يضاعف لمَن أدّى حقّ الله في ماله بأضعاف مضاعفه. قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ × الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة 261 .262 وقال سبحانه: {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} البقرة .276 * الصّدقة سبب للوقاية من الأمراض والفتن: والصّدقة سبب في حصول السّعادة والوقاية من الأمراض والفتن والأحزان. قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة .274 * الصّدقة سبب لانشراح الصدر: كما أنّ الصّدقة سبب في انشراح الصّدر وسرور النّفس. قال الله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} البقرة .280 * الصّدقة تدفع غضب الربّ وميتة السُّوء: قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} البقرة .254