تقترح مسودة الوثيقة النهائية حول الانتقال الديمقراطي التي أعدتها التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، فتح ”طابو” المصالحة الوطنية والفساد وطرحهما للنقاش الشعبي، من أجل نزع التصّور الاحتكاري التي مارسته السلطة بشأن هاتين القضيتين منذ سنوات طويلة. وأخرجت الوثيقة الجيش من مرحلة الانتقال الديمقراطي وأبقت على دوره في حماية أمن البلاد، تفاديا كما قالت ل«التصوّرات الخاطئة”. تسلّمت هيئة رؤساء التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، أمس، مسودة الوثيقة النهائية حول ”الانتقال الديمقراطي” من اللجنة السياسية المصغّرة التي كلفت بإعدادها، وستكون الوثيقة جاهزة في غضون أيام بعد إخضاعها إلى ”المراقبة”، قصد البحث عن إمكانية إثرائها بتعديلات أخرى. وأبرز التعديلات الواردة في مسودة الوثيقة النهائية، بناء على أرضية الانتقال الديمقراطي وتوصيات الندوة الوطنية وتدخلات المشاركين فيها، ”فتح نقاش مجتمعي واسع وعميق عن ”طابو” المصالحة الوطنية، عن طريق ندوات موضوعاتية ولقاءات جوارية، لتحديد تصور شامل للمصالحة الوطنية يحدد جزء منه الشعب، بهدف انتزاع ”التصّور الاحتكاري” للسلطة، بسبب أن المصالحة تشمل شرائح كبيرة من المجتمع”. كما تضمّنت مسودة الوثيقة النهائية التي ستسلم نسخة منها للسلطة من طرف التنسيقية، ”طرح مسألة الفساد وتفشيه بكل أنواعه أيضا إلى نقاش شعبي واسع وعميق، يهدف إلى البحث عن آليات اجتثاث الآفات المهدّدة للمجتمع كالفساد واللاّعقاب”. وأخرجت الوثيقة دور الجيش من مرحلة الانتقال الديمقراطي، وبالتالي إهمال التنسيقية للفكرة التي طرحها رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش لدى تدخله في الندوة الوطنية يوم 10 جوان المنصرم، بالرغم من أن حمروش اعتبر بأنه ”لا معنى للانتقال الديمقراطي من دون الجيش، الذي لا بد أن يكون للدولة وليس للسلطة، فحياده مطلوب في الدعوة لتجسيد مشروع الانتقال الديمقراطي، بل لا بد من ضمانه، لأنّه يمشي مع مطالب الشعب”. ويدافع حمروش عن تصوره باعتباره ابن النظام. وبرّرت اللجنة السياسية إخراجها للجيش من مرحلة الانتقال الديمقراطي، تفاديا للتصورات الخاطئة، وفضلت الإبقاء على التأكيد على ”تمدين النظام السياسي وإبعاد المؤسسة العسكرية والأمنية عن التجاذبات السياسية، وتفرغها بمهامها الدستورية في حماية الوحدة الوطنية وسلامة التراب الوطني، والحرص على وحدتها وعدم تجزئتها”. كما غيرت مسودة الوثيقة النهائية من العنوان الأخير لأرضية الانتقال الديمقراطي من ”معايير الانتقال الديمقراطي” إلى ”معايير التحول الديمقراطي”، استناد إلى كون العناصر الواردة في هذا المحور تؤدي إلى ”تحول”، باعتبار أن هذا الأخير ”مجهود بشري، يتطلب جهدا مستمرا وتقييما دائما، لاسيما مع طرح وضع دستور توافقي بين الفاعلين السياسيين، وبروز سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية تمتلك صلاحية ممارسة السلطة ولا ينازعها ولا يعيقها ولا يضغط عليها غيرها في ممارسة صلاحياتها”.