أبرزت الأحزاب السياسية والشخصيات المنضوية تحت لواء ما يعرف بالتنسيقية من أجل التغيير والانتقال الديمقراطي، نجاح ندوتها الأولى التي انعقدت أمس، بفندق مزفران بزرالدة، في جمع مختلف أطراف المعارضة السياسية بالجزائر على اختلاف أيديولوجياتها وتوجهاتها السياسية، والتفافها حول هدف واحد يتمثل حسبها في تحقيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي والمشرّف، معلنة في السياق نفسه عن أن أبواب المسعى تبقى مفتوحة لكل من يريد الالتحاق بها "للإسهام في تجسيد هذا الهدف النبيل". وأثنى مختلف المتدخلين في هذه الندوة التي ترأسها وزير الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، وشاركت فيها مختلف الأحزاب والشخصيات التي أعلنت تبنّيها لخط المعارضة في الفترة الأخيرة، على نجاح اللقاء في تجميع القوى السياسية الداعية إلى التغيير، مؤكدين أن انعقاد هذا اللقاء الأول سيتبع بندوات أخرى في المستقبل. وبعد أن تم استعراض أرضية التنسيقية التي حملت أهداف المسعى، والتي تضمنت أساسا المحاور المشتركة التي التقت عندها المطالب المعبّر عنها من قبل تنسيقية المعارضين للانتخابات الرئاسية التي جرت في 17 أفريل الماضي، وكذا تلك التي رفعتها الأطراف التي تنضوي تحت لواء أقطاب التغيير التي دعمت المترشح علي بن فليس، في تلك الرئاسيات، وفي مقدمة هذه المطالب الدعوة إلى مرحلة انتقالية وحكومة انتقال ديمقراطي، ودستور توافقي يحقق الإجماع الوطني ويمرر عبر استفتاء شعبي، وكذا فتح نقاش موسع للتصدي للآفات الاجتماعية ومنها الفساد واللاعقاب"، تناولت مختلف الشخصيات وقيادات الأحزاب المشاركة في الندوة الكلمة لعرض تصورها حول مستقبل العمل الذي ينبغي حسبها أن تضطلع به المعارضة من أجل إنجاح الانتقال الديمقراطي في البلاد، مبرزة ضرورة نقل هذا المسعى إلى الشعب من خلال شرحه له وتبرير دواعيه. وفي هذا الإطار أكد المحامي ورئيس الرابطة الوطني لحقوق الإنسان السابق، علي يحيى عبد النور، بأن الانتقال الديمقراطي الحقيقي، هو تكريس لسيادة الشعب وإعادة الشرعية لمؤسسات الدولة، مبرزا ضرورة الحفاظ على الثوابت الوطنية للأمة بما فيها الأمازيغية التي اعتبرها إحدى أهم المقومات التي تتأسس عليها الشخصية الوطنية، في حين أبرز عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم أهمية الندوة في تحقيق الإصلاح والتغيير في البلاد، وفي كسر مفارقة "المعارضة المنشقة"، كما أشار إلى أن اللقاء سيمكن الأطراف المشاركة فيه من الاتفاق حول النضال الذي ستخوضه من أجل الحريات في الجزائر والمساواة بالمواطنة وبالقانون. رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، اعتبر بأن خدمة مستقبل الجزائر، تستدعي عدم الخوض كثيرا في الماضي، والمضي قدما في رسم الأهداف والبرامج والتصورات التي تحقق للجزائر انتقالها الديمقراطي المشرّف. وتأسف لكون المعارضة في الجزائر ليست موجودة بشكل مؤطر، وإنما هي مجرد مواقف معارضة وأحزاب متشتتة، مقدرا بأن "الجزائر في أمس الحاجة اليوم إلى وفاق وطني يصوغه الجيش والأحزاب السياسية، لإقامة دولة القانون والديمقراطية". من جانبه ذكّر المترشح لرئاسيات 17 أفريل الماضي، علي بن فليس، بالمواقف التي تبنّاها لتبرير رفضه المشاركة في المشاورات الموسعة حول تعديل الدستور، معتبرا بأن الإشكالية الحقيقية المطروحة اليوم في الجزائر، ترتبط بعدم التوافق حول طبيعة النظام السياسي الذي تحتاجه البلاد، وكذا ضرورة العمل على تكريس المواطنة والسيادة الشعبية في الجزائر. وفيما شدد الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية، أحمد بطاطش، على ضرورة التشبت بمبدأ الإجماع من أجل تجسيد الأهداف التي تناضل من أجلها قوة المعارضة السياسية في البلاد، مذكّرا بأن "الأفافاس" ظل دوما ينادي بضرورة الحوار من أجل التغيير الحقيقي والانتقال الديمقراطي في البلاد، اعتبر رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، بأن المشروع المتعلق بتعديل الدستور، "لا يمكنه أن ينجح بالطريقة التي يتبعها والمتمثلة في الاستشارة غير الملزمة، وإنما باعتماد منهج الشورى الذي يتمثل في الحوار الواسع والشامل والملزم". كما أبرز بالمناسبة الضرورة الملحة لاجتماع المعارضة على اختلاف مشاربها وتوجهاتها السياسية من أجل وضع الآليات المواتية لفرض الرقابة على الحكومة. واستمرت أشغال الندوة بتداول الشخصيات المشاركة في اللقاء، وكذا ممثلي الأحزاب السياسية بما فيها الحزب المحل، على الكلمة لعرض تصوراتهم حول أسلوب الانتقال الديمقراطي، وكيفية النضال من أجل تجسيده، وذلك توافقا مع أهداف الندوة التي صاغتها الجهات المنسّقة للمسعى.