سعر السكن في الجزائر يفوق ثلاثة أضعاف قيمته الحقيقية تؤكد الإحصائيات والمعايير الدولية المعمول بها في مجال البناء أن أسعار العقار في الجزائر مرتفعة بنسبة ثلاثة أضعاف عن مستوياتها الحقيقية، في ظل فوضى المعاملات العقارية وسيطرة البارونات والوسطاء على الأسعار، والاعتماد على تجارة العقار التي تتم خارج أطر الوكلاء المعتمدين في عمليات تبييض الأموال، بينما يبقى قرار إلزام التعامل بالصكوك في المعاملات التي تفوق 50 مليون سنتيم مؤجلا الى إشعار غير معلوم. قال المهندس المعماري والرئيس السابق للهيئة الوطنية للمهندسين، عثمان طويلب، إن بناء شقة سكنية مكونة من 3 غرف مثلا يكلّف، حسب المعايير المقاولاتية ومتوسط أسعار مواد البناء، حوالي 300 مليون سنتيم ، في وقت لا يقل سعر نفس الشقة عند المعدل 900 مليون سنتيم على أقل تقدير، بسبب ارتفاع الضغط للحصول على السكن من تزايد حدة الأزمة من جهة، وضعف المراقبة من ناحية أخرى بدعوى حرية السوق والمعاملات التجارية. ودعا عثمان طويلب، في تصريح ل«الخبر” السلطات العمومية الى ضرورة إعادة النظر في المنظومة الجبائية المفروضة على العقار، من خلال مضاعفة الرسوم والأعباء على مالكي السكنات والعقارات الشاغرة والتي تخرج عن حاجتهم، للتقليص من ظاهرة ”الاحتكار” في امتلاك العقار. وأشار الى التوجه الجديد نحو الادخار عبر شراء العقارات دون استغلالها الذي بدأ يأخذ أبعادا جديدة في الجزائر، من منطلق أن أصحاب الأموال يفضلون استعمالها في اقتناء الشقق مستفيدين من عدم دفع ضرائب عليها. وذكر المتحدث بالمقابل الأسباب الأخرى التي تقف وراء التهاب أسعار العقارات، لاسيما سوء توزيع السكنات والهجرة نحو التجمعات السكنية والاقتصادية الكبرى، بحثا عن فرص العمل، تحسين مستويات الدراسة والعلاج، في ظل عدم تكافؤ توزيع المرافق العمومية ضمن المخطط الوطني للتهيئة الإقليمية، باعتباره الجهاز المكلف بوضع خطة تطوير المدن والإقليم على المدى المتوسط والبعيد. ومن جهته، أكد رئيس الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية عبد الحكيم عويدات على أن المرحلة الأولى للقضاء على التهاب أسعار العقار وعدم خضوعهم لأي معيار تتمثل في تنظيم الممارسات العقارية وضبطها عبر إلزام مرور المعاملات على الوكلاء العقاريين المعتمدين، بدلا من ”السماسرة” والوسطاء، مشيرا إلى أن حوالي 80 في المائة من المعاملات التجارية تمر خارج الأطر الرسمية، الأمر الذي يفتح المجال للتعامل نقدا والممارسات المرتبطة بتبييض الأموال، وعدم التصريح بالقيمة الحقيقية للعقار للتهرب من الدفع الضريبة، من منطلق أن السلطات العمومية لا يمكنها التحكم في هذه المعاملات والإحاطة بتفاصيلها. وعلى الرغم من أن المتحدث أشار إلى أن سوق العقار يخضع كما هو الشأن بالنسبة لكل الانشطة التجارية الى مبدأ العرض والطلب في تحديد السعر، إلاّ أنه شدد بالمقابل من ذلك على ضرورة مضاعفة الأعباء الجبائية على مالكي الشقق السكنية الشاغرة وغير المستغلة لدفعهم لعرضها على مستوى السوق في إطار الإيجار مثلا لإضفاء توازن نسبي بين العرض والطلب، من أجل إسهام في دفع الأسعار نحو التراجع، بالموازاة مع برامج ومشاريع البناء الموجهة للسكن.