في الوقت الذي بدأت فصائل المقاومة تشحن دفعة من الصواريخ في اتجاه مناطق فلسطينية محتلة من قبل العدو الإسرائيلي، كان أعرابنا المتصهينون يعيشون حالة من الهستيريا نتيجة لما أصاب جارتهم البريئة من هول ودمار، وفي المقابل كانوا يشنون حملة من الشتائم على غزة، ويلعنون حماس الثائرة بأسوأ اللعنات، إنها ألسنة سليطة وجدت نفسها تصول وتجول بامتياز في زمن الانبطاح. يبدو أن التاريخ لا يريد أن يتوقف في كل مرحلة عن إنتاج مثل هذه النماذج العربية الفاسدة والعميلة، أليس هؤلاء هم من أعلنوا من قبل ولاءهم المطلق لإخوانهم اليهود عندما قرروا الخروج معهم والقتال بجانبهم، ومع أنهم لم يخرجوا مع من خرجوا من حصونهم مهزومين إلا أن هذه الفئة من الأعراب لاتزال تمارس دورها القذر على مر التاريخ لدعم هذه الزمرة الصهيونية التي ارتكبت أبشع الجرائم في حق الطفولة الحالمة. هل تمنح إسرائيل بعد حربها على غزة وسام الشرف لمن تغنى بإنجازاتها العظيمة في هذه البلدة التي علمت الصهاينة معنى الوطنية والشجاعة والرجولة والكبرياء، في وقت لم تستطع الجيوش العربية مجتمعة أن تحقق هذا النوع من المكاسب؟ لا أظنها تفعل ذلك مع أصدقائها من الأعراب الجدد، لأنها وبكل بساطة لا تريد أن تشعرهم بصهيونيتهم على الأقل في الوقت الراهن، بل تريد منهم مزيدا من الهوان والتسول والردة قي الجولات القادمة. عندما تحمل غزة بندقيتها في نهاية المطاف، يكون معنى ذلك أنها قررت أن تستمد شرعية وجودها من لحن الرصاص، وليس من الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع هذا الكيان الذي صنعته فضائح العروبة. ألم يحن الوقت لكي تقول المقاومة كلمتها الفاصلة؟ ألم يحن الوقت لحرائر القدس أن تشيع شهداءها بزغرودة عالية؟ ألم يحن الوقت لقطع هذه الألسنة التي تطاولت على قدسية المقاومة؟ ألم يحن الوقت لهذه الأنظمة المتصهينة أن ترحل مشكورة وتتركنا بسلام، فقد قدمت ما يكفي لصديقتها المدللة؟ عشرون عاما من المفاوضات ولم يحمل فيها المفاوض الفلسطيني بندقيته، بل تركها تستروح النوم في منتجعات أوسلو ومدريد وشرم الشيخ، ولم تزده هذه المفاوضات العقيمة غير البؤس والشقاء والحصار، ولو أنه اختار الثورة مسارا لدربه من البداية لكانت لوطنه حكاية أخرى في عالم الناس. ومهما يكن، فإن المجازر التي اقترفت في حق أهلنا في غزة لن تذهب هدرا طالما أن بندقية المقاومة قد خرجت عن صمتها هذه المرة لتكشف ما تبقى من مستور، ولتسطر أروع البطولات ضد هذه الهمجية الصهيونية التي صنعتها دول تدّعي الحرية والمساواة في عالم تغتال فيه الطفولة بلا رحمة. [email protected]