الغذاء يستهلك 42 في المائة من ميزانية الأسر الجزائرية لا تزال تقلبات أسعار السلع أو الخدمات تشكّل عبئا حقيقيا لمحدودي الدخل والموظفين وشرائح واسعة، حيث تأخذ مؤشرات الأسعار على امتداد السنة ما بين 2013 و2014 في مجملها منحى تصاعديا، مما يضيف أعباء، خاصة وأن معدل إنفاق أسرة جزائرية متوسطة على الغذاء تقدر بحوالي 42 في المائة من مدخولها، بقيمة تتراوح شهريا ما بين 20 و40 ألف دينار. لا تزال مستويات الأسعار، حسب تقديرات الديوان الوطني للإحصائيات، تعرف عدة تقلبات وفوارق شملت كافة الأصناف، بداية بالمواد الغذائية، حيث قدر مؤشر الأسعار مثلا ما بين جويلية 2013 وجويلية 2014 ب3.32 في المائة بالنسبة للمواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية، ونسبة 7 في المائة فيما يتعلق بالألبسة والأحذية، علما بأن المواد الغذائية تعرف ضغطا وارتفاعا عادة خلال شهر رمضان، بينما تزداد أسعار الألبسة في فترة الدخول المدرسي والأعياد، مع ملاحظة أن الزيادات والضغط على نفقات الأسر تبقى قائمة في معظم الفصول، باستثناء النقل والاتصالات، مع الإشارة إلى أن النسبة ارتفعت ب11.86 في المائة بالنسبة للتعليم والثقافة والترفيه، التي تعاني نقصا كبيرا، إذ لا يسع الجزائري قضاء عطله أو إيجاد فضاءات ترفيه مناسبة محليا. والأمر نفسه ينطبق على الخدمات التي سجل مؤشر أسعارها زيادة ب4.62 في المائة. ويتضح أن تآكل القدرة الشرائية يبقى متواصلا بالنسبة لشريحة من المواطنين، تتسع دائرتها بصورة متواصلة، فمتوسط إنفاق الأسرة الجزائرية على المواد الغذائية والذي كان يقدر بداية سنوات 2000 بحوالي 15 ألف دينار، سجل تباعا ارتفاعا وزيادة معتبرة، حيث أضحى معدل الإنفاق يتراوح ما بين 30 إلى 40 ألف دينار، مع استهلاك ظرفي للحوم والسمك بمعدل مرة أو مرتين في الأسبوع على أكثر تقدير. كما يتضح التغيير الملموس في هذا المجال في تطور المؤشرات التي كشفت عنها دراسة المركزية النقابية في 2009 تحت عنوان “ميزانية أسرة جزائرية من 7 أفراد منهم ثلاثة قصر غير متمدرسين واثنان متمدرسين”، والتي بينت استحالة تلبية كافة حاجيات الأسرة من الغذاء والألبسة دون أجر لا يقل عن 29.318 دينار جزائري شهريا، مع الإشارة إلى تدني القدرة الشرائية للجزائريين ما بين 2003 و2009، وضرورة توفير أجر أدنى ب31870 دينار، بينما الأجر الأدنى المضمون كان يقدر ب12 ألف دينار في 2009، وحاليا ب18 ألف دينار، علما بأن حجم الإنفاق قدر ب22781.61 دينار، في وقت كان الأجر الأدنى المضمون في 2003 يقدر ب8000 دينار، و24873.61 دينار في 2007، مقابل أجر أدنى ب10 ألاف دينار. وإذا كان معدل الأجر لدى الفئات المتوسطة، حسب مصدر مالي، يتراوح ما بين 40 ألف و100 ألف دينار، فإن نسبة تفوق 42 في المائة من الدخل يوجه إلى المواد الغذائية، أي ما بين حوالي 20 إلى 40 ألف دينار كمعدل عام، بينما يتم تخصيص 20 في المائة من المداخيل لأعباء السكن المختلفة و12 في المائة للنقل، ليرتفع معدل أو سقف حاجيات أسرة جزائرية بحساب كافة الأعباء والتي كانت تقدر بقرابة 30 ألف دينار إلى حدود 50 ألف دينار كحد أدنى، وهو مؤشر يعني أن إمكانية حدوث تغييرات على بنية المجتمع قائمة على أساس تآكل الطبقة المتوسطة تدريجيا، ناهيك عن الطبقات أو الفئات الفقيرة، في ظل مؤشرات تكشف عنها الهيئات الدولية التي تفيد باختلالات في توزيع الثروة والدخل وفوارق بين أغنى فئات المجتمع وأفقره، والتي أضحت تتحدد ما بين 24 و30 مرة.