وصف العارف باللّه الشيخ الطاهر آيت علجت أصحاب طرح ”الجزائر ليس فيها علماء” ب”المخذولين”، موضّحًا أنّ بالجزائر علماء كبار في شتى العلوم والتخصّصات. وأكد فضيلة الشيخ آيت علجت، في كلمة له بعد تكريمه في منتدى الذّاكرة ”التّربية والتّعليم بجيش التّحرير الوطني” الّذي نظّمته جمعية مشعل الشّهيد ويومية ”المجاهد” وبالتّنسيق مع قصر الثّقافة، عرفانًا لما قدّمه المجاهد العلاّمة الشّيخ الطّاهر آيت علجت للتّربية والتّعليم أثناء الثورة وبعد الاستقلال، أكّد أنّ ”في الجزائر علماء عاملين، وهذا باعتراف أهل العلم والخير”، مشيرًا إلى أنّ ”حتّى علماء السعودية عندما يُسألون” من الشباب الجزائري ”يجيبونهم بأن يسألوا ويستفتوا علماء الجزائر”، لأنّه ”لديكم علماء أحقّ بأن تستفتوهم”، مؤكّدًا أنّ ”علماء السعودية وفقهاؤها يدعون شبابنا إلى أن يأخذوا من علماء الجزائر”. ومباشرة عقب التّرحيب المشفوع بالاحترام لهذه القامة من القامات الجزائرية، تناول الكلمة تلميذه الدكتور الشّيخ محمّد الشّريف قاهر، عضو ورئيس لجنة الفتوى بالمجلس الإسلامي الأعلى، وأستاذ التّشريع الإسلامي بالمعهد العالي للقضاء، تطرّق فيها إلى مآثر ثورة نوفمبر، معتبرًا أنّها ”بنيت على العلم وعلى الثقافة وعلى الصِّدق والوفاء”. وأفاد الشّيخ محمّد الشّريف قاهر أنّ المستعمر الفرنسي قرّر تجهيل وظلم الشعب الجزائري، وقال: ”فرنسا قرّرت أن يبقى الشعب الجزائري جاهلاً ولا يتعلّم منه أقلّ من 10 بالمائة، وأنّ 90 بالمائة الباقية أميّون”، وأضاف ”وكان عدد السكان في الجزائر قبل الاستعمار 8 ملايين مواطن، وعندما دخلت فرنسا أبادته وبقي منه حوالي 3 ملايين فقط، ثمّ قامت بهدم المدارس والمساجد والزّوايا”. مشيرًا إلى أنّ الشّعب ”أدرك أن لا سبيل من التحرّر من فرنسا إلاّ بإعلان الجهاد”، فكانت ”ثورة أوّل نوفمبر”. ثمّ استطرد قائلاً: ”الثّورة علمَت أنّ مفتاح الانتصار هو تعليم وتثقيف الشّعب وتعريفه بعلمائه ورجالاته”، لهذا قرّر ”المجاهد الّذي يَنظُر بنور اللّه العقيد عميروش” الاهتمام بتكوين الشباب ”فأرسلنا إلى الزيتونة على نفقة الولاية الثالثة”، مكلّفًا الشيخ الطّاهر آيت علجت بالإشراف على ذلك. بينما كشف ابنه البكر الأستاذ محمّد الصّالح، بعض الخفايا في حياة الشّيخ المجاهد، مخصّصًا كلمته للجانب الإصلاحي وخاصة الإفتاء وإصلاح ذات البين، معتبرًا نجاح والده يكمن في أمرين اثنين: الوسطية والاعتدال ولا تطرّف ولا غلو، والثاني اتّباعه لنهج القرآن {وَقُولُوا للنّاسِ حُسنًا}، موضّحًا أنّ الشّيخ الطّاهر كان ”يُردّد دائمًا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ”إِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يُخَالِطْ شَيْئًا إِلّا زَانَهُ، وَلَمْ يُفَارِقْ شَيْئًا إِلّا شَانَهُ”. من جهته، اعترف الشيخ محمّد الصّالح الصدّيق بفضل الشّيخ الطّاهر آيت علجت، وصداقته له خلال لقائهما الأوّل بمدينة أقبو، وتكليفه من قبل القائد كريم بلقاسم للقيام بالشؤون الثقافية بليبيا بعد اندلاع الثورة التّحريرية المباركة. أمّا الأستاذ محمّد الصّغير بلعلام، فتطرّق إلى زاوية تامقرة الّتي ”كانت ملجأ للمطاردين”، وقرار المستعمر الفرنسي غلقها ونفي الشّيخ الطّاهر منها إلى زاوية سعيد بن صدوق، معتبرًا أنّ الشّيخ ”دفع ضريبة الوطنية بإبعاده عن عائلته وزاويته”، معرّجًا على مسيرة الشّيخ العلمية والمشايخ الّذين تعلّم عنهم وشدّه الرِّحال إلى زاوية بن حملاوي ثمّ زاوية العيدلي وأخيرًا الزيتونة ومشايخه هناك. كما عرج كلّ من تلميذيه الأستاذ الزبير طوالبي والأستاذ محمّد إيدير مشنان على المسيرة العلمية لشيخ شيوخ الجزائر، والّتي قاربت الثمانين عامًا في تعليم شباب الأمّة مختلف العلوم الشّرعية. تجدر الإشارة إلى أنّ جمعية مشعل الشّهيد، قامت، مساء أوّل أمس، بتكريم فضيلة الشيخ العلاّمة الطّاهر آيت علجت، حيث قام سفير دولة فلسطين بإهدائه لوحة حائطية للمسجد الأقصى المبارك، بينما أهداه فرع الجمعية بتمنراست برنوس التوارڤ، في حين أهدته مديرة قصر الثقافة برنوسا تقليديا.