لقيت امرأة تبلغ من العمر 55 سنة حتفها، وأصيب 93 شخصا بجروح، صبيحة أمس، إثر انحراف القطار الذي كان قادما من محطة آغا بالجزائر العاصمة باتجاه مدينة الثنية ببومرداس في حدود الساعة 8 سا و10د عن خط سيره قبل أن يبلغ محطة حسين داي بحوالي 150 مترا. ذكرت الحماية المدنية في بيان لها، أنها قامت بتجنيد إمكانيات مادية وبشرية كبيرة لأجل التكفل الجيد بالمصابين، منها 20 سيارة إسعاف تم إرسالها إلى عين المكان من طرف مديرية الحماية المدنية لولاية الجزائر وكذا الدعم المرسل من وحدة التدريب والتدخل بالحميز. قالوا “الحمد لله.. العربات كانت شبه فارغة” ناجون يروون اللحظات الأخيرة قبل الكارثة توقفت عقارب الساعة أمس، بمحطة القطار بحسين داي، على مشهد مروع لعربات قطار مهشمة، زجاج متناثر، وضحايا مصدومين وجرحى لم يستفيقوا جميعا من هول الصدمة التي ألمت بهم، على متن الرحلة العاصمة - الثنية التي انطلقت على الساعة السابعة و50 دقيقة، وانتهت مسيرتها بكارثة على الساعة الثامنة وخمس دقائق بالقرب من حسين داي. كانت الساعة تشير إلى الثامنة و25 دقيقة صباحا عندما وصلنا إلى محطة القطارات بحسين داي، أي حوالي 20 دقيقة على وقوع فاجعة انحراف القطار الرابطة بين الجزائر العاصمة والثنية ببومرداس عن السكة الحديدية.. أول مشهد قابلنا كان لشاب وجهه ملطخ بالدماء بعد أن أصيب بجروح في الرأس.. أحد أعوان الحماية المدنية كان يقدمه له الإسعافات الأولية قبل نقله إلى سيارة الإسعاف.. بقع دماء كثيرة كانت على الرصيف المقابل للمحطة هي لعشرات الجرحى تم نقلهم من طرف أعوان الحماية المدنية نحو مستشفى مصطفى باشا، فيما لازال آخرون ينتظرون دورهم، قال لنا أحد المسعفين. وما إن خرجنا من الرصيف، حتى صدمنا بالمشهد المروع لعربات القطار مهشمة عن آخرها مترامية وخارجة عن السكك الحديدية. طيلة المسافة التي كانت تفصلنا عن الوصول لموقع الحادث، التقينا بنساء ورجال لازالوا تحت الصدمة، البعض منهم أصيب بجروح بادية على أجسامهم، وآخرون تائهون وفي حالة نفسية يرثى لها. فرملة، انفجار... ثم صدمة خلال تواجدنا بالمكان تحدثنا مع بعض المسافرين الناجين، فاختلفت الروايات. ففيما اعتبر البعض أن القطار كان يسير بسرعة زائدة، فند آخرون ذلك، معتبرين بحكم تجربتهم واعتمادهم على القطار نفسه يوميا للوصول إلى مقرات عملهم، كانت السرعة عادية، فقالت راكبة، لازالت تحت وقع الصدمة “القطار كان يسير بسرعة عادية، مقارنة بأمس مثلا أين كان يسير بسرعة أكبر”. وعن آخر اللحظات قالت “كنت في إحدى العربات الخلفية، قبل أن نتفاجأ بالقطار يشرع في الفرملة بشكل قوي، تلاها انكسار عنيف لزجاج النوافذ، ثم مال القطار قليلا ليعود لموقعه السوي بعد لحظات، ثم بعدها سمعنا انفجار الضغط الكهربائي.. ولما حاولنا النزول من العربات للهروب، حذرنا البعض من كوابل الكهرباء”. وقال ناجي آخر “القطار كان يسير بسرعة عادية، حسب رأيي، قبل أن ينقلب فجأة بعد أن حاول السائق التوقف باستعمال المكابح. كانت بجانبي راكبة فقدت توازنها، حاولت مسكها من اليد فسقطنا سويا.. هي أصيبت بكدمات على مستوى الحوض، ووجدنا صعوبة في الخروج من العربة.. لقد تأكدنا بعد ذلك بأننا نجونا من موت محقق عندما شاهدنا العشرات من الجرحى وهم يغادرون العربات الأمامية التي تضررت كثيرا”. شاب آخر يبدو أنه طالب بجامعة باب الزوار، كان لا يزال تحت وقع الصدمة ويطمئن والدته عبر الهاتف قائلا “راني لاباس الحمد لله يا يما...”، قبل أن يقفل الخط ويتنهد طويلا... حمدنا الله على سلامته وبصفة عفوية انطلق في الحديث معنا، في محاولة للتخفيف من الضغط النفسي الذي أصابه: “... والله يا خويا ضربة صحيحة... كنت جالسا في القطار ولم أنتبه لشيء حتى سمعت صوت مكابح قوية، وما أفزعني الطريقة التي انفجر بها زجاج بعض النوافذ، وبعدها سمعت دوي اصطدام قوي. أما البقية، صدقني فلا أتذكر كيف خرجت، آخر ما أتذكره عامل محطة القطار الذي جاء ليسعفني ويواسيني”. ناجي آخر قال من جهته “صدقني.. الحمد لله أن الحادث لم يقع بالأمس (أول أمس)، فرحلة أمس كانت العربات مملوءة عن آخرها بالركاب حتى الأبواب كانت تغلق بصعوبة، أما اليوم الحمد لله يا ربي فإن العربات كانت شبه فارغة”. عقارب الساعة ظلت متوقفة، أكثر من نصف ساعة بعد الحادث، عدد سيارات إسعاف كان محدودا، عناصر الأمن كانت تصل تباعا بأعداد محدودة، لا أحد كان يدري ما يجب القيام به، حتى بلغت الساعة تقريبا الثامنة وأربعين دقيقة، أين بدأ الجميع يستفيق من الصدمة وكسرت صفارات إنذار سيارات الحماية المدنية والشرطة السكون، وارتفع عدد الفضوليين وأقارب من كانوا في القطار الذين شرعوا في التوافد للاطمئنان على ذويهم. وما هي إلا لحظات حتى بدأ أعوان الأمن يفقدون أعصابهم وأخلوا المكان من الجميع، تحضيرا بكل تأكيد لقدوم الرسميين، في مقدمتهم عبد المالك سلال، الوزير الأول، وتوترت الأعصاب بين بعض أقارب المسافرين الذين أصروا على الدخول للموقع وعناصر الشرطة الذين تلقوا تعليمات بإجلاء المكان. القطار السريع... اللغز وككل مرة، سارع الجميع في تقديم أسباب للحادث.. ومن بين الروايات التي تداولت، هو قدوم قطار سريع من خلف الرحلة العاصمة – الثنية. وحسب ما تم تداوله، فقد تم تغيير سكة القطار دون إعلام السائق الذي لم يخفض السرعة، وهو ما يفسر انحراف القطار. وفعلا، كان قطار سريع متوقفا على السكة على بعد حوالي 500 متر خلف موقع الحادث، فهل تم تغيير مسار القطار؟ التحقيق سيكشف ذلك، تحقيق طالب به الوزير الأول عبد المالك سلال، عند وصوله إلى الموقع في حدود الساعة التاسعة. خلل في منظومة النقل بالجزائر بعد الحافلات والطائرات جاء دور القطارات حوادث القطارات خلّفت 30 قتيلا منذ بداية السنة صارت وسائل النقل العمومي في الجزائر، مصدرا للخوف وزرع الرعب في نفوس المسافرين، بعد تسجيلها سلسلة من الحوادث المميتة خلال السنوات الأخيرة، وبدايتها كانت ب«حافلات الموت”، ثم الطائرات، لتأتي حوادث القطارات تضاف إلى قائمة “حوادث النقل” بعد انحرف قطار أمس عن السكة على مستوى محطة حسين داي بالعاصمة، خلّف، حسب حصيلة مؤقتة، وفاة امرأة وإصابة 93 آخرين بجروح، وهي كلها حوادث تطارد وزارة النقل بسبب عدم قدرتها حتى الآن على إيجاد الصيغ الكفيلة للتقليل من هذه الحوادث المميتة. تحولت وسائل قطاع النقل، سواء البري أو الجوي أو النقل بالسكك الحديدية، إلى “آلة” لحصد أرواح المسافرين الجزائريين. فحوادث الحافلات التي تأتي على رأس قائمة حوادث النقل في الجزائر، أصبحنا نصحو وننام عليها يوميا، ولنا أن نتذكر في هذا المقام حادث المرور المأساوي التي وقع في أفلو بالأغواط نهاية شهر سبتمبر المنصرم، وخلّف 17 قتيلا على الأقل وجرح أكثر من عشرين آخرين إثر اصطدام عنيف بين حافلتين. وآخر وقع بتاريخ 24 أوت المنصرم، بالطريق الوطني الرابط بين ولايتي باتنةوسطيف، تمثل في انقلاب حافلة تعمل على خط سطيف بسكرة، وأسفر عن مقتل 3 أشخاص، كما لقي خمسة أشخاص حتفهم، وجرح 15 آخرون في الشهر نفسه إثر اصطدام حافلة بشاحنة تسير في الاتجاه المعاكس. المجال الجوي هو الآخر دخل على الخط، وتحول إلى مقبرة للطائرات، حيث سجلت الجزائر منذ بداية العام الجاري حادثين مميتين، أسفرا عن مقتل أكثر من 170 شخص، وهما سقوط طائرة عسكرية من نوع “هيركول سي 130”، اصطدمت بجبل فرطاس بالقرب من مدينة عين مليلة بأم البواقي، في فيفري الماضي، خلّف 77 قتيلا، جلهم من الجنود وعائلات العسكريين، فيما نجا شخص واحد. كما وقع حادث آخر مماثل في جويلية الماضي، لقي خلاله 118 شخصا مصرعهم، من بينهم 6 جزائريين، إثر سقوط الطائرة الاسبانية “أم دي.83 “ المستأجرة من قبل شركة الخطوط الجوية الجزائرية، بمالي أثناء قيامها برحلة من واغادوغو إلى الجزائر. وكان هذا الحادث، وعلى غرار باقي حوادث الطائرات التي عرفتها الجزائر، قد “زلزل” وزارة عمار غول آنذاك، الذي تنقل إلى عين المكان، وتحدث عن أدق تفاصيله كمسؤول لخلية أزمة نصبت مباشرة بعد سقوط الطائرة. ولم تعد القطارات كوسيلة نقل سريعة يفضلها أغلب المسافرين بسبب زحمة الطرقات بمعزل عن حوادث النقل، حيث تشير أرقام المديرية العامة للحماية المدنية إلى تسجيل 30 قتيلا و152 جريحا دهستهم القطارات منذ بداية العام، إضافة إلى 3 حوادث لانحراف قطارات نقل الوقود، خلّف إصابة 6 أشخاص بجروح. وكان آخر حادث مأساوي للقطارات، قد وقع شهر أكتوبر الجاري إثر اصطدام قطار لنقل المسافرين يعمل على خط الجزائر العاصمة بجاية، بشاحنة نصف مقطورة، مخلّفا إصابة 13 شخصا بجروح متفاوتة الخطورة في بلدية العجيبة التابعة لولاية البويرة شرق العاصمة الجزائر ب80 كيلومترا. وكانت الشاحنة، حسب مصالح الحماية المدنية، تهم بعبور ممر غير محروس للسكة الحديدية، على مستوى قرية “بوعيش” التابعة إداريا لبلدية العجيبة، ليفاجئها قطار لنقل المسافرين قادم من ولاية بجاية ومتجهة إلى العاصمة، فاصطدم بمؤخرة الشاحنة ليجرها للعشرات من الأمتار. الجزائر: رزيقة أدرغال أطقم طبية ضخمة للتكفل ب93 جريحا حالة استنفار قصوى بمستشفى مصطفى باشا عاشت، أمس، مصلحة الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا في العاصمة، حالة استنفار قصوى جراء استقبالها لعدد هائل من جرحى حادث القطار وعائلاتهم الذين هرعوا إلى عين المكان للاطمئنان على ذويهم. كانت زيارتنا لمستشفى مصطفى باشا الجامعي على الساعة العاشرة صباحا، أين وجدنا عددا هائلا من عائلات المصابين تنتظر عند مدخل الاستعجالات، وهو الأمر الذي أثر سلبا على عمل مصالح الحماية المدنية والأطقم الطبية التي تم استدعاؤها من مختلف المصالح الاستشفائية المتواجدة بالمستشفى لمساعدة زملائهم في مصلحة الاستعجالات في تقديم الإسعافات الأولية للجرحى، وكثيرا ما تسبب هذا الازدحام عند مدخل المصلحة في إثارة غضب أعوان الأمن، الذين كانوا يطلبون من العائلات من حين إلى آخر الابتعاد من أجل تسهيل مهمة أعوان الحماية المدنية في إدخال الجرحى. وقد حاولت إدارة المستشفى التسهيل من عملية التعرف على الجرحى، من خلال تعليق أمام مدخل مصلحة الاستعجالات القائمة الاسمية لجميع الجرحى الذين تم نقلهم إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي، حتى يتمكن ذووهم من الاطلاع عليها، وبالتالي الابتعاد نهائيا عن المدخل، لكن لا حياة لمن تنادي. وحسب ما أفادتنا به مسؤولة الاتصال بالمستشفى ذاته، جودي نسيبة: “إن جميع المصالح جندت لاستقبال المصابين، فقد أفرغت جميع قاعات العمليات وقاعات العلاج حتى تتمكن من استقبال العدد الكبير من المصابين”. سيارات الإسعاف التابعة للحماية المدنية التي كانت تصل الواحدة تلوى الأخرى، وجدت أيضا صعوبة كبيرة في الولوج إلى المستشفى بسبب الازدحام، الذي عرفته شوارع العاصمة، مثلما قال لنا أحد السائقين “صفارات الإنذار لم تعد تثير انتباه سائقي السيارات.. لقد وجدنا صعوبة كبيرة في الوصول إلى المستشفى، فكل الطرق كانت مغلقة تماما”، يضيف المتحدث. وصرح مدير المستشفى السيد رابح بارة أن مصالح الاستعجالات قد استقبلت 93 جريحا، 40 منهم غادروا المستشفى بعد تلقيهم الإسعافات اللازمة، وأضاف أن حالة واحدة دخلت مصلحة الإنعاش، لتستقر بعدها وضعيتها الصحية. كما لفت الانتباه إلى أن سائق القطار يوجد من بين الجرحى الذين تم إسعافهم بالمستشفى. وقد تزامن تواجدنا بالمستشفى مع الزيارة التي قام بها الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير الصحة رفقة وزير الداخلية، إذ اطلع على الحالة الصحية للمصابين وألح على الأهمية القصوى التي تكتسيها معرفة مسببات هذا الحادث، وذلك عن طريق الإسراع لتعيين لجنة تحقيق سوف تطلع على العلبة السوداء لمعرفة مسببات هذه الفاجعة. الجزائر: إيمان فراوسي السائقون الفضوليون سدوا جميع المنافذ أمام سيارات الإسعاف حركة المرور في شوارع العاصمة مشلولة تسبب الحادث المأساوي الناجم عن انحراف القطار عن السكة الحديدية، صبيحة أمس، في حسين داي بقلب العاصمة، في عرقلة حركة المرور على مستوى شارع جيش التحرير والطريق الوطني رقم 05، لأن كثيرا من أصحاب السيارات والعربات فضلوا التوقف على جوانب الطريق لمشاهدة الحادث، وذلك على نحو شكّل حالة فوضى حالت دون التحاق كثير من الناس بأماكن عملهم في الوقت المحدد. الحادث الذي وقع في حدود الساعة الثامنة صباحا، خلّف هلعا كبيرا في أوساط مواطني العاصمة وضواحيها، فالحادث تسبب في ارتباك عدد كبير من المواطنين ممن كانوا على متن مركباتهم وسياراتهم، سواء الداخلون إلى العاصمة أو المتوجهون إلى ضواحيها الشرقية والغربية. وقد وقفت “الخبر” في حدود الساعة التاسعة صباحا على مستوى الطريق الوطني رقم 05 الرابط بين العاصمة وضاحيتها الشرقية، على مشاهد لتوقف عدد من المواطنين بسياراتهم على جانب شارع جيش التحرير والطريق الوطني رقم 05 عند النقطة المقابلة للحامة، لمشاهدة جوانب من الحادث، فيما احتشدت جماهير أخرى في أعلى الجسر القريب من الحادث لأخذ صور لمكان الحادث. هذا الوضع شكّل حالة فوضى حالت دون دخول حتى سيارات الإسعاف لمكان الحادث لنقل الجرحى إلى مستشفى مصطفى باشا، إذ توقفت حركة المرور على مستوى شارع جيش التحرير والطريق الوطني رقم 05 في حدود الساعة التاسعة صباحا لمدة قاربت النصف ساعة، بعد أن سدت كل المنافذ والمخارج المؤدية للضواحي الشرقية للعاصمة، متسببة في حالة ازدحام قادت عددا من أصحاب سيارات الأجرة المشتغلين على خط الحراش أول ماي وساحة الشهداء إلى التوقف عن العمل. الجزائر: ن.سوكو