خوف فيأس فتفاؤل فثناء على "الاولاد" والمدرب غوركوف.. ما إن أعلن حكم المباراة نهاية المواجهة الأولى ل"الخضر" في المنافسة الإفريقية بفوز صعب أمام جنوب إفريقيا، حتى انطلق الأربعون مليون مدرب، على رأي الناخب الوطني السابق حاليلوزيتش، في تقديم تحليلاتهم وقراءاتهم لمباراة أسالت لهم العرق البارد وتابعوها على الأعصاب، لم يكن فيها أداء رفقاء المتألق مبولحي مقنعا، لكنهم حققوا الأهم. عادت الساحرة المستديرة لتشغل عقول وتأسر قلوب الجزائريين من جديد، بعد فترة هدوء نسبي فرضها التأهل المبكر ل”الخضر” إلى المنافسة الإفريقية. وفي خرجتهم الأولى، تابعهم عشاق “الخضرا” وأيديهم على قلوبهم في شوط أول كان مخيبا للآمال، لم تظهر فيه فعالية المنتخب العائد بمشاركة مشرفة في المونديال الإفريقي. ففي البريد المركزي بقلب العاصمة، محج العاصميين لمتابعة “خرجات” “الخضر”، تفاعل مناصرو “الأفناك” مع كل لحظات المباراة، فاستبشروا خيرا بمحاولات تهديد مرمى المنافس، وأغضبهم تيهان إسلام سليماني في عرضيات غير دقيقة، وسجدوا فرحا لتدخلات مبولحي الموفقة، وشككوا بين الشوطين في إمكانية تجاوز عقبة “البافانا بافانا”. غير أن الشوط الثاني كان كفيلا برفع معنوياتهم من الأرض إلى السماء، أثنى فيه الجمهور على التغييرات الموفقة للمدرب غوركوف الذي نال رضا الجمهور ولم يأخذ حصته من الانتقاد، رغم الوجه الشاحب الذي ظهر به “الخضر” خاصة في الشوط الأول، واستعادت الجماهير الأمل بتعديل النتيجة بمساهمة جنوب إفريقية، ليضيف غلام الهدف الثاني ويحرر سليماني الجمهور بهدف ثالث أنساهم الأداء غير المقنع، لتنتهي مباراة رفعت مستوى الأدرينالين إلى أقصى مستوياته، بفوز مشرف ولو بأداء غير مشرف، حسب هؤلاء. غوركوف.. تغييرات موفقة ولم يختلف الأمر على “الفايسبوك”، فالجماهير التي تجمعت في الساحات العمومية عبر مختلف مناطق الوطن، وحتى تلك التي تابعت المقابلة في منازلها والمقاهي، لم تفوت ترجمة تفاعلها مع مجريات اللقاء في العالم الافتراضي، لحظة بلحظة. وتباينت الآراء حول أداء “الخضر” الذي اعتبره “الفايسبوكيون” لا يليق بمنتخب مونديالي مصنف الأول إفريقيا، مؤكدين أنه رغم زيارة مرمى المنافس مرتين، دون احتساب الهدف الأول الذي كان هدية من جنوب إفريقيا، الوجه الذي ظهر به لا يبشر بخير، لكن هذا هو منطق كرة القدم، الأحسن لا يفوز دائما. وعلق البعض أن النتيجة هي الأهم “فماذا سنجني من الفنيات إن لم نحصد أهدافا”، مثلما كتب أحدهم. وكانت التعاليق رحيمة بالمدرب غوركوف، بعكس سابقه حاليلوزيتش الذي كان يقف في عين الإعصار في حال سجل “الخضر” نتيجة سلبية، وعلق الكثيرون بأن “الفرنسي حاول تكييف خطته مع أدغال إفريقيا ونجح في تغييرات دقيقة أثمرت فوزا صعبا”. ووصف البعض الفوز بأنه انتصار بطعم الهزيمة وبأننا “فزنا بدعاوي الخير”، ليرد آخرون بأن ألمانيا أيضا خرجت بانتصار بطعم الهزيمة أمام الجزائر في المونديال الأخير، مثلما وصفت صحافة بلادها “غير أنها عادت إلى برلين بكأس العالم”. والمتابع لتعليقات هؤلاء طيلة عمر المباراة يكتشف “تقلبات” مزاج الجمهور الرياضي حسب أطوار المباراة، فأضعف لاعب في لحظات يتحول إلى معشوق الجماهير في لحظات أيضا، مثلما قد يتحوّل أحسن لاعب إلى آخر لا يستحق أن يكون أكثر من لاعب في بطولة ما بين الأحياء، وهذا ما نجح أحد الفايسبوكيين في ترجمته بقراءة دقيقة “جنوب إفريقيا تسجل: التعليقات تقول هذا منتخب يدي كوب دافريك، جنوب إفريقيا تتحصل على ضربة جزاء: التعليقات باي باي لالجيري، جنوب إفريقيا تضيع ضربة الجزاء: عندهم زهر، الجزائر تعدل النتيجة: حظ والله مايستاهلو، الجزائر تضيف الثاني: تحيا الجزائر، الجزائر تضيف الثالث: كوب دافريك تاعنا واحد مايديها.. شعب غريب”. وإن كان الجمهور الرياضي قد انتقد الأداء غير المقنع، إلا أن حارس عرين المنتخب، رايس وهاب مبولحي، استحق العلامة الكاملة لتدخلاته الموفقة، وأنقذ رفاقه من خسارة كان يمكن أن تكون ثقيلة لو أثمرت محاولات “البافانا بافانا” أهدافا.. فاستحق عن جدارة شهادة “أنا مبولحي” تكريما له على استماتته في الدفاع عن شباك “الخضرا” التي كادت أن تهتز في عدة مناسبات بسبب تراخي الدفاع وتيهان لاعبي الوسط. ولم تخل التعاليق من السخرية طبعا، فالبعض اعتبر أننا نتبع الأسلوب الإيطالي “فإيطاليا دائما تدخل منافسة كأس العالم بوجه شاحب قبل أن تقلب الطاولة على منافسيها”. وعلق آخرون بأن العارضة التي أنقذت شباك مبولحي من هدفين محققين تستحق جائزة أحسن لاعب في المباراة، فيما أسماها آخرون اللاعب رقم 12، في غياب الجماهير الجزائية التي لم تتمكن من التنقل مثل العادة لتشجيع كتيبة غوركوف. في انتظار ما ستسفر عنه المقابلة القادمة، لايزال الجمهور الرياضي يؤمن بقدرة منتخبه على الذهاب بعيدا في المغامرة الإفريقية التي لن تكون بالتأكيد سهلة في أدغال القارة السمراء، ولعل تحقيق أول فوز في المباراة الأولى بعد 25 سنة “بشرى خير للعودة بالتاج الإفريقي”.