اعتبرت أحزاب المعارضة قرارات المجلس الوزاري المصغر بشأن الغاز الصخري والتقسيم الإداري، بأنها وصفة خاطئة لمرض مستعصٍ، لأن مشاكل مناطق الجنوب، حسبها، أكبر من أن تختصر في هيكل إداري تسلطي جديد. وصف رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، محسن بلعباس، قرارات المجلس الوزاري المصغر المنعقد أول أمس باستحداث ولايات منتدبة، بالأمر المتسرع والتشخيص الخاطئ لمشاكل المنطقة، معتبرا ذلك مناورة من السلطة لإيهام الجزائريين بأن لديها حلولا لمشاكل التنمية بالجنوب الكبير على وجه الخصوص. وأفاد بلعباس، في اتصال هاتفي مع ”الخبر”، بأن استحداث ولايات جديدة ليس حلا أو مطلبا، لأن سكان الجنوب يعانون من إقصاء وتهميش في مجال المشاركة في عملية اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي. ورأى أن الحل ليس في استحداث ولايات جديدة، متسائلا ”ما الذي ستقدمه ولاية منتدبة ما دامت ميزانيتها ستأتيها من الولاية الأم؟”. وفي رأيه، فإن ”الولايات المنتدبة ليست إلا دوائر كبيرة شبيهة بالدوائر الإدارية الحالية، محذرا من التكلفة العالية لاستحداث هذه الهياكل الجديدة، حيث ستؤدي، حسبه، لاستهلاك أموال إضافية تتضمن ميزانية تسيير بما فيها أجور إداريين، فيما يجري تسويق عزم السلطة اعتماد سياسة تقشف”. واستبعد بلعباس عودة الهدوء إلى ولايات الجنوب الكبير، لأن ”المجتمع في المنطقة تغير كلية، فالشباب الذي لا يثق في وعود السلطة هو من يقود الحراك الاجتماعي المطالب بالتغيير والحقوق وليس الأعيان الذين تجاوزتهم الأحداث وفقدوا قدرتهم على لعب دور الوساطة”. وأضاف ”سيعين مسؤولين من أبناء نفس القبيلة الحكيمة للإشراف على الهياكل الإدارية الجديدة، هذا لن يغير الواقع كلية ولن يحقق مطالب المحتجين الذين يريدون بلوغ مرتبة مواطن كامل الحقوق”. وشكك أمين عام حركة النهضة، محمد ذويبي، بدوره في دستورية الاجتماع، لافتا إلى أن القرارات المتخذة ”غير ناضجة لأن السلطة اكتفت بالتسويف والوعود، في حين أن المواطن الجزائري ينتظر أشياء ملموسة”، مضيفا ”مشروع التقسيم الإداري ليس جديدا، حيث سبق طرحه أيام كان الوزير الأول الحالي وزيرا للداخلية، حيث اقترح حينها استحداث 90 ولاية جديدة وإلغاء الدوائر الحالية”. ولفت إلى أن حزبه لطالما طالب بفتح نقاش حول الموضوع وإدراجه في إطار سياسة كلية شاملة. من جانبه، توقع الطاهر بن بعيبش، رئيس حزب فجر جديد، فشل مساعي السلطة لتنويم سكان الجنوب، لأن ”المشكل أعمق من استحداث إدارات جديدة”، مضيفا ”القرار يهدف فقط لتوجيه الأنظار عن المطالب الحقيقية ولم يكن ثمرة دراسات ناضجة حول الجدوى والتكاليف، رغم أننا لسنا ضد الفكرة من حيث المبدأ”. وخلص للقول ”هذا يبين أن الدولة أسيرة سياسة رد الفعل وليس المبادرة واستباق الأحداث وحساب تكاليف القرارات”. وانتقد رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، أمس، في بيان له، قرار استحداث ولايات منتدبة، لأنها تختصر الأزمات التي تعيشها مناطق الجنوب في مشكل هياكل إدارية في حين أن الوضع أكثر تأزما، لافتا إلى انقطاع الحوار الاجتماعي وغياب الوسائط الاجتماعية والسياسية والممارسة الزبائنية والتسلط كأسلوب تعامل السلطة مع المجتمع. وأبدى التجمع الوطني الديمقراطي ارتياحه لقرارات المجلس الوزاري المصغر. وقالت المتحدثة الرسمية باسم الحزب، نوارة سعدية جعفر، إن ”التقسيم الإداري يحقق مطالب السكان وخصوصا أبناء الجنوب والهضاب”، لافتة لوجود ”عوامل موضوعية وطبيعية أخرى تقتضى إدخال هيكلة إدارية جديدة لولايات الجنوب والهضاب”. بدوره وصف السعيد بوحجة، المتحدث الرسمي باسم حزب جبهة التحرير الوطني، استحداث ولايات جديدة بأنه ”قرار مهم جدا، يتطابق مع تصور الحزب ويترجم أن الرئيس يتحسس انشغالات المجتمع في مناطق الجنوب ويتفهم مطالبه في الحصول على تنمية جوارية”. وعلى عكس موقف أحزاب المعارضة، قال بوحجة إن ”القرار لم يستجب لأي من الضغوط، وسيكون له أثره في تهدئة الأجواء”.