يعتبر عالم الغرب المتمدن الرقم 13 رقمًا مشؤومًا، ولذا لا يرغب النّاس هناك أن يرتبط هذا الرقم بأيّ شيء يخصّهم، فهم يتجنّبون أن يكون رقم منزلهم 13، أو رقم غرفتهم 13 في الفندق أو المكان الّذي يسكنون فيه، ولا يرغبون في تناول الطّعام على مائدة عليها ثلاثة عشر شخصًا. يقول الدكتور مارتين لوثركينغ: “إنّ أكبر حاجات الإنسان هو أن يجعل نفسه فوق مستنقع الدّعايات الكاذبة، فالأشخاص المصابون بالأمراض والضّعف النّفسي يستسلمون بسرعة إلى الخرافات، ويظلّون في حالة قلق وخوف دائم، يخافون من يوم الثالث عشر من الشّهر، ومن القطّة السّوداء الّتي تضع يديها فوق بعض على شكل صليب. ولقد لاحظتُ شخصيًا عندما كنت في مصعد كهربائي في فندق كبير بنيويورك أنّ الفندق ليس فيه طابق برقم 13، بل يوجد طابق 14 بعد طابق 12، فسألتُ موظف المصعد عن السّبب فأجاب إنّ هذه العادة متّبعة في معظم الفنادق، لأنّ عددًا كبيرًا من النُّزلاء يخافون الإقامة في الطّابق 13، ثمّ أضاف: بل إنّ البعض عندما يرون أنّ الطّابق 14 هو بدل الطّابق 13 يمتنعون عن الإقامة فيه”. يُقال إنّ السّبب الرئيسي لهذا الخوف يعود إلى العصور القديمة، إذ كانوا يعتقدون ويصفون هذا الرقم بالقدر والقوّة الخفيّة وصِلته بعلم الغيب، وقد ذكر في أحد الكتب القديمة العهد أنّ مَن يفهم الرقم “13” ربّما يحصل على مفاتيح الطّاقة والسّلطة. ففي أمريكا والغرب يتشاءمون، بشكل عام، من الرّقم 13، إذا وقع في جمعة. وفي الثّلاثينيات، وعلى ذمّة صحيفة “نيو يورك هيرالد” الأمريكية، جاء أنّ المعدّل اليومي للزّواج في نيويورك وصل إلى 150 زيجة، فيما لا يكاد يتخطّى ال60 نهار الجمعة. والخوف من مصادفة تاريخ 13 يوم جمعة ليس اعتياديًا، بل هو مرض اسمه “باراسكافيدكاتريافوبيا”، ويعانيه في الولاياتالمتحدة وحدها 21 مليون شخص. ويقوم علماء النّفس بمعالجته، حيث يقول الطبيب “دونالد دوسي” إنّ العوارض الّتي تصيب 21 مليون أمريكي في مثل هذا اليوم تراوح بين التّوتّر الخفيف والاضطراب والإحساس القويّ بالتّشاؤم والذّعر. والبعض لا يترك سريره أو يغادر منزله، في حين يقوم آخرون بكلّ أنواع الطقوس لصدّ تأثيرات هذا اليوم، وكثيرًا ما تظهر العوارض قبل أسبوعين من الموعد وتزداد سوءًا مع اقترابه وتختفي بمجرد انقضائه. وفي دراسة أجرتها مجلة “سميشونيان” تبيَّن أنّ الشّركات الأمريكية تخسر كلّ يوم جمعة 13 من أيّ شهر 750 مليون دولار، لأنّ النّاس لا تتسوّق أو تسافر أو تغامر بأيّ شيء يوم جمعة 13. والخوف من “جمعة 13” ليس محصورًا بالولاياتالمتحدة، بل هو قديم ومتجذّر في التّاريخ وفي الحياة اليومية. ففي روما القديمة كانت تجتمع السّاحرات في مجموعات تضمّ 12، أمّا الرّقم 13 فهو الشّيطان. والإسكندنافيون القدماء كانوا يعقدون حبل المشنقة 13 عقدة. ويعتقد البعض أنّ حوّاء أعطت آدم التفّاحة ليأكلها يوم جمعة ويفضّلون الاعتقاد أنّه كان جمعة 13 من الشّهر. ويعتقد أيضًا أنّ قابيل قتل هابيل في مثل هذا اليوم. وفي القرن التاسع عشر، كانت شركة “لويدز” للتأمين البحري في لندن ترفض تأمين أيّ سفينة تبحر يوم جمعة 13. وحتّى اليوم لا تحرّك البحرية الأمريكية أيّ سفينة في هذا الموعد. وفي ألمانيا تمّ بناء جدار برلين، أو جدار العار، في الثالث عشر من أوت 1961. وفي العام 1970، انطلق “أبولو 13” السّاعة 13 و13 دقيقة، وفي ثلثي المسافة إلى القمر وقع انفجار في المركبة أجبر الرّواد على قطع رحلتهم في 13 أفريل. واليوم لا تستخدم 90% من ناطحات السّحاب والفنادق في الولاياتالمتحدة الرّقم 13 في ترقيم طبقاتها وتقفز من 12 إلى 14، وأحيانًا يستبدل الرقم 13 بالرقم 12أ. وفي المستشفيات لا وجود لغرفة تحمل الرّقم 13، أمّا شركات الطيران فلا تدخل هذا الرقم على رحلاتها. كما انعكس هذا الخوف من الرقم 13 على السينما، إذ أخرج “روب هيدن” فيلمًا بعنوان “الجمعة 13” من بطولة “جانسن داغجت” و«سكوت ريفز”، وكان الفيلم عبارة عن فيلم رعب يشدّ الأعصاب.. فعجبًا لدول وصلت إلى ما وصلت إليه من التطوّر والتقدّم ويُخيفها مجرّد رقم!