أصبح تسيير أندية النخبة في الجزائر رهينة ضغط الشارع أكثر من شيء آخر، فتعبير الأنصار عن غضبهم من النتائج السلبية لفرقهم في مختلف المناسبات أصبح مباشرا أكثر، وصارت محاكمة اللاعبين والمسؤولين تتم وجها لوجه، بعدما كانت الانتقادات في سنوات خلت تصدر من المدرجات، لتطفو على السطح في السنوات الأخيرة ظاهرة جديدة، وهي اقتحام ميادين التدريبات ومحاولة الاعتداء لفظيا وجسديا على اللاعبين والمسؤولين. صار تدخل رجال الشرطة لتأمين تدريبات مختلف فرق النخبة في الجزائر أمرا روتينيا، وأغلب أنديتنا لم تسلم من هذه التظاهرة التي برزت في السنوات الأخيرة، فأصبح لضغط الأنصار والشارع كلمته في عديد القرارات المصيرية المتخذة من قبل المسيرين. سب وشتم للجميع في”البابية” وقارة ينجو من محاولة اعتداء آخر تلك الحوادث ما وقع لفريق مولودية العلمة في حصة الاستئناف التي برمجت بملعب زوڤار يوم الاثنين الفارط، حيث قامت مجموعة من الأنصار بسب وشتم الجميع في فريق “البابية” ومحاولة الاعتداء جسديا على اللاعب قارة، ومنع اللاعبين من إكمال الحصة التدريبية. وكل هذا وقع بعد الهزيمة التي تكبدها الفريق في عقر داره أمام مولودية وهران، ما عقّد أكثر من وضعية “البابية” في سلم الترتيب العام، وأصبح الفريق مهددا أكثر من أي وقت مضى بالسقوط. توقيف التدريبات يدفع بن طوبال للاستقالة من “السنافر” قبل تراجعه وغير بعيد عن العلمة، لم يسلم شباب قسنطينة هو الآخر من هذه الظاهرة، وتعرض للموقف نفسه بعد إقصاء الفريق سابقا في منافسة الكأس على يد شبيبة القبائل، حيث اصطدم المدرب الجديد ل”السنافر”، فرانسوا براتشي، في أول حصة تدريبية له، بغضب الأنصار العارم على اللاعبين وإدارة الفريق، مع مطالبتهم برحيل المدير العام للنادي عمر بن طوبال، محمّلين إياه الجزء الأكبر من مسؤولية تراجع نتائج الفريق، وتضييع الأهداف المسطرة من قِبل الإدارة في بداية الموسم، وهو ما أدى ببن طوبال إلى إعلان استقالته قبل التراجع عنها بعد أيام معدودة، مع متابعته للمتسببين في توقيف التدريبات قضائيا. “العميد” لم يسلم وأرثور جورج اندهش لما حصل ولم يسلم فريق مولودية الجزائر من ظاهرة اقتحام ملاعب التدريبات ولعدة مرات، كانت آخرها يوم 7 مارس الجاري، حيث تنقلت أعداد كبيرة من المناصرين إلى ملعب المقراني ببن عكنون، بعد عودة الفريق من سفريته التي قادته إلى النيجر، وأقصي إثرها في الدور الأول من منافسة كأس “الكاف”، حيث تمت معاتبة اللاعبين على هذه النتيجة السلبية أمام فريق مجهول! وكادت الأمور أن تتحول إلى ما لا يحمد عقباه بعدما حاول بعض “الشناوة” الاعتداء على رفقاء الحارس شاوشي، حين تمكنوا من الدخول إلى أرضية الملعب بعدما صعدوا فوق الشباك المحيط به، ولم تدم الحصة التدريبية أكثر من ربع ساعة، قبل أن تتوقف بطلب من المدرب أرثور جورج، الذي كان مندهشا لما حصل، باعتبار أنه لم يسبق وأن عاش أوضاعا مشابهة مع الأنصار. وحاول أعضاء لجنة الأنصار حماية اللاعبين من الأنصار الغاضبين الذين شتموا رفقاء حشود وحاولوا الاعتداء عليهم جسديا، ليدخلوا في مناوشات فيما بينهم، قبل أن يحضر رجال الأمن بأعداد معتبرة وأنقذوا لاعبي المولودية وطردوا جميع الأنصار من محيط الملعب. تدريبات اتحاد بلعباس توقفت ورجال الشرطة يتدخلون عاش مسيرو ولاعبو اتحاد بلعباس ضغطا شديدا من قِبل أنصارهم قبل مواجهة الأسبوع الفارط المصيرية أمام شباب قسنطينة، حيث اقتحم مجموعة من الأنصار في إحدى الحصص التدريبية أرضية ميدان التدريبات، وكادت الأمور أن تعرف انزلاقات خطيرة بعد دخول اللاعبين في عراك مع بعض المحتجين، قبل أن تتدخل مصالح الأمن لتهدئة الوضع، ليُجبَر بعدها المدرب مشيش على مطالبة عناصره بالتوجه مباشرة لفندق الفريق، علما أن رئيس الفريق يحي عمرون أعلن مباشرة بعد نهاية لقاء شباب قسنطينة عن استقالته من منصبه.ولم يسلم الفريق الكبير شبيبة القبائل هو الآخر من غضب أنصاره، حيث قامت مجموعة منهم سابقا بتوقيف التدريبات احتجاجا على النتائج السلبية لفريقهم المتعوّد على لعب الألقاب. من يقف وراء هذه التجاوزات؟ من غير الممكن أن تكون هذه التجاوزات التي تحصل في حصص الاستئناف لمختلف الفرق قد وقعت بصفة تلقائية وبالصدفة؛ فحسب الأصداء التي جمعناها من بعض رؤساء الفرق فإن هذه الأمور تحدث بفعل فاعل، وتقف وراءها ما تسمى بالمعارضة في مختلف الأندية، وغرضها تكسير الإدارات الآنية لهذه الأخيرة، والضغط عليها ودفعها نحو الرحيل، حتى يخلو لها الجو وتعود إلى التمركز في كراسي المسؤولية للفرق، كما يمكن تفسير تصرف بعض الأنصار بهذه الطريقة للحب الأعمى الذي يكنونه لفرقهم والخوف عليهم من أي انهيار محتمل، فيلجأون إلى التصرف بطريقة خاطئة تضرّ نواديهم المحبوبة أكثر مما تنفعها. ش. ف