تسريبات غير مؤكدة من رئاسة الجمهورية تقول إن الرئيس بوتفليقة قد يعمد إلى تمرير التعديلات الدستورية القادمة عبر برلمان “الحفافات” فقط! ربما لأن الرئيس أصبح لا يثق في الجهاز الوطني للتزوير الذي زوّر له كل الانتخابات الماضية بكفاءة وجدارة، بما فيها تعديل الدستور سنة 2008 وفتح العهدات الرئاسية. الرئيس لا يحترم البرلمان، ولا يحترم حتى الأحزاب التي جاء منها نواب هذا البرلمان، والدليل أنه لم يشرّف الرئيس هذا البرلمان بزيارة له طوال حكمه لمدة 16 سنة.. والمرة الوحيدة التي خاطب فيها البرلمان هي المرة التي طلب فيها من هذا البرلمان فتح العهدات في الدستور! اليوم سيعمد الرئيس إلى تقديم مشروع تعديل دستوري إلى برلمان “الحفافات”، ويطلب التصويت على إعادة غلق العهدات الرئاسية بعد أن فتحها النواب للرئيس بطلب منه قبل 7 سنوات تقريبا !كانت حجة الرئيس والنواب سنة 2008 في فتح العهدات هي أن غلق العهدات يحرم المواطن بوتفليقة من حقه في الترشح؟! فهل لا تكون حجة غلق العهدات من قِبل الرئيس بوتفليقة مساسا بحرية من يأتي بعده في الترشح لأكثر من عهدتين؟! هل تكون للبرلمان الشجاعة الكافية للقول بأن الرئيس في 2008 اعتدى على الدستور وكيّفه لصالحه، وأن نواب البرلمان تواطأوا مع الرئيس في هذا الأمر؟ أم سيقول النواب إن الرئيس أخطأ حين فتح العهدات وها هو اليوم يصحح خطأه؟! وإذا كان الأمر كذلك فإن العهدتين الثالثة والرابعة للرئيس غير دستوريتين وينبغي إصلاحهما في الحال! ولهذا فإن المطالبة برئاسيات مسبقة تعتبر إصلاحا لخطأ دستوري صحّحه الرئيس بالبرلمان بعد أن أفسده بالبرلمان أيضا؟! وهل برلمان هذه هي صفاته يمكن أن يرتاح له المواطن ليعدّل له الدستور؟! فعلا، إن العبث بالدستور من قِبل المؤسسة الحامية للدستور أصبح عامل مساس خطير بالشرعية وما تبقى من مصداقية لشبه نظام؟! وماذا لو أن الجهاز الوطني للتزوير، الذي أصبح لا يثق فيه الرئيس ولا ينسّق معه، قد قام أيضا بإطلاق فئرانه في “عبّ” نواب البرلمان وحملهم على سحب البساط من تحت أقدام مشروع الرئيس الدستوري هذا؟! هل الرئيس الذي أصبح يخاف من الشعب ولا يمرر الدستور عبر استفتاء لا يخاف من نواب الشعب؟! لقد أصبحنا فعلا مضحكة دستورية، حتى بالنسبة لدول الموز الإفريقية التي يؤدي رؤساؤها واجب زيارة المريض لرئيسنا بمقابل “مجزي” طبعا؟!