لم تتضمن مسودة مشروع الدستور التوافقي، إصلاحات عميقة كما كانت الطبقة السياسية تمني نفسها سواء في المعارضة أو الموالاة، وعلى رأسها الأفالان الذي كان ينتظر منصب نائب الرئيس حتى وقت قريب. غياب أحزاب كبيرة عن المشاورات يرهن نوعية المقترحات بالحديث عن تغييرات عميقة في الدستور تؤكد القراءة الأولية لمسودة مشروع الدستور التوافقي التي وزعها المكلف بالمشاورات السياسية، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيي على الطبقة السياسية، أمس الأول، أن المقترحات كانت تقنية أكثر منها سياسية، باستثناء توسيع صلاحيات الوزير الأول، لينوب عن الرئيس في توقيع المراسيم، ما يطرح سؤال هل استغنى الرئيس عن مشروعه في استحداث منصب نائبه، واللافت في مقترحات الدستور القادم، غلق العهدات الرئاسية في المادة 74، وتحديدها بولاية واحدة من 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، في عودة صريحة لدستور ليامين رزوال ل1996، عندما أغلق العهدات قبل أن يفتحها بوتفليقة في 2008، كما تمنع المقترحات انسحاب المترشح من الرئاسيات بعد إيداع الملف إلا في حالة الوفاة أو حصول مانع قانوني يثبته المجلس الدستوري، عكس ما هو معمول به حاليا. ويرى الأمين العام لحركة النهضة، محمد ذويبي، في اتصال مع ”الفجر”، أن المسودة تؤكد أن الدستور القادم هو ”دستور السلطة”، ولا يوجد توان مطلقا بين الحريات والسلطات، وهذا هو مشكل كل الدساتير الجزائرية منذ الاستقلال، لافتا إلى أن حزبه كانت لديه قناعة منذ البداية بمخطط السلطة لذا رفض الانخراط في مسعى المشاورات. وتحدثت المسودة عن نوع من توزيع الصلاحيات وتوسيعها بتمكن الوزير الأول من أمور كانت حكرا على الرئيس وحده، كما تظهر المقترحات الجديدة المدرجة في الوثيقة على بعض مواد الدستور الحالي، أن السلطة تريد الحفاظ على الهيكل العام للدستور، دون المساس بالنظام الرئاسي أو شبه الرئاسي المكرّس حاليا، والإبقاء على السلطة التنفيذية برأس واحدة، يمثلها رئيس الجمهورية، والإبقاء على منصب الوزير الأول وليس العودة إلى رئيس الحكومة. وفي الوقت الذي تحدثت أحزاب عن هيمنة مؤسسة الرئاسة على كامل الصلاحيات، اقترحت وثيقة الرئاسة إعادة توزيع للصلاحيات مع منح بعضها للوزير الأول، حيث يمكن أن يتلقى من رئيس الجمهورية، ضمن الحدود التي يضعها الدستور، تفويضا لممارسة السلطة التنظيمية. وأشارت الوثيقة بشأن شروط الترشح للرئاسيات، زيادة على الشروط السابقة، إلى أنه على المترشح للرئاسة إثبات الجنسية الجزائرية الأصلية لوالديه، وأن يدين بالإسلام، ويثبت أن زوجه يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط، كما اقترح منع انسحاب المرشح للرئاسيات من السباق بعد إيداعه ملف ترشحه بالمجلس الدستوري، إلا في حالة الوفاة أو حصول مانع قانوني يثبته المجلس الدستوري. ووردا على الانتقادات التي ظلت تلاحق البرلمان كونه مجرد غرفة تسجيل، وهيمنة السلطة التنفيذية عليه، اقترحت الوثيقة توسيع صلاحية البرلمان من خلال اقتراع المادة 99 مكرر، ”يخصص المجلس الشعبي الوطني جلسة في كل دورة لمراقبة عمل الحكومة بحضور الوزير الأول، مع الإبقاء على المادة 84 بشأن عرض الحكومة سنويا لبيان السياسة العامة”، ما يعني أن الوزير الأول مسؤول أمام الرئيس والبرلمان معا. وحاولت المقترحات منح مصداقية أكبر للبرلمان من خلال توسيع صلاحياته وتعزيز مكانة المعارضة في البرلمان ب”تخصيص كل غرفة من غرفتي البرلمان جلسة شهريا، لمناقشة جدول الأعمال الذي تعرضه مجموعة برلمانية من المعارضة”، كما ألزمت البرلمانيين بحضور الجلسات، بالاضافة إلى حظر التجوال السياسي من خلال تجريد المادة 100 مكرر للعهدة البرلمانية للنائب الذي يغير خلال عهدته الانتماء السياسي، وفي وقت كان يعتقد الجميع أن يستغني الرئيس على مجلس الأمة، اقترحت الوثيقة تمكين مجلس الأمة من حق اقتراح القوانين.