بتعليمات شفهية أو توقيع في أسفل ورقة، كان المحظوظون ممن يلتقون عبد المومن خليفة، يحصلون على قروض من البنك، دون أي ضمانات، لا يزال تسديدها عالقا إلى اليوم. ذلك ما كشفه متهمون في قضية خليفة استجوبهم القاضي في ثامن جلسات المحاكمة الجارية بمجلس قضاء البليدة. تحولت محاكمة قضية خليفة إلى جلسات لكشف الاختلالات الكبيرة في التسيير التي طبعت عمل المجمع بمختلف مؤسساته، في فترة بين 1998 و2003، خاصة في الجانب المحاسبي الذي كانت تشوبه ثغرات كبيرة عجز المتهمون السابقون عن تفسيرها، وأرجعوها في الغالب لحداثة نشأة المؤسسات، بينما أصر ممثل النيابة العامة على أنها متعمدة للتغطية على عمليات السرقة والنهب التي كانت تتم في البنك. نسب مخاطرة عالية وخليفة يوضح اعترف المتهمان لخضر ميمي وحميد سخارة، وهما محافظا حسابات تعاملا مع بنك خليفة، أن حسابات سنوات 98 و99 و2000 لم تكن تسلم في موعدها المقرر في جوان من كل سنة، حتى أن ميزانية سنة 2000 لم تسلم إلى غاية ديسمبر 2002 بتأخر زاد عن العام والنصف، لكن هذا الخلل لم يكن في تقدير محافظي الحسابات يستدعي إبلاغ وكيل الجمهورية، وهي نقطة الصدام بينه وبين القاضي والنائب العام أثناء الاستجواب. وحول عدم احترام نسبة المخاطرة في تمويل القروض، قال عبد المومن خليفة، في جواب مقتضب، إن الشركات المملوكة لنفس المجمع في القانون الجزائري، تحتسب في لغة المحاسبة كخطر واحد. رد لم يشأ محافظ الحسابات حميد سخارة التعليق عليه. وللوقوف أمام تحول مجرى المحاكمة في غير صالح عبد المومن خليفة، بعد أن كان يصب في صالحه عند بدايتها، حاول محامو المتهم، من خلال أسئلتهم، التركيز على مدى تنسيق المديرين المتهمين مع عبد المومن خليفة فيما يخص عمليات التسيير، من أجل نفي علمه بالاختلالات الموجودة. «اذهب إلى البنك ولا تأخذ أكثر من مليار ونص”! بإجابات مرتبكة لم تشف غليل القاضي الذي كان يكرر أسئلته باستمرار، كان المتهم أمغار محند أرزقي، مدير خليفة لتأجير السيارات “كا. أر. سي”، يبرر حصوله على قرض ب1,5 مليار سنتيم. قال إنه حصل على موافقة شفهية من عبد المومن خليفة للحصول على هذا المبلغ من حساب الشركة التي يديرها في خليفة بنك. يستغرب القاضي، ولكن هل هذا الإجراء قانوني في نظرك؟ يرد المتهم: ما دام تسجيله محاسبيا موجودا فهو قانوني. يعقب القاضي: لكن على أي أساس أو وثيقة جرى تبرير هذه العملية المحاسبية؟ يعجز المتهم عن الإجابة. هذه الطريقة التي حصل بها أمغار أرزقي على مبلغ 1,5 مليار سنتيم، قال النائب العام في استجوابه للمتهم إنها لا تمت للقرض بصلة، واعتبرها مجرد هدية من عبد المومن، بدليل أن المتهم ذاته، في رسالة له إلى مصفي شركة خليفة لتأجير السيارات، اعتبرها كذلك. المتهم يرد: لا، لم أكن على علاقة جيدة مع المصفي، وليس لعبد المومن أي مصلحة في إهدائي 1,5 مليار سنتيم. يعقب النائب العام: “أنت حصلت على قرض ب1,5 مليار سنتيم من خليفة لتأجير السيارات، لتسديد قرض آخر ب450 مليون سنتيم كنت أخذته من خليفة بنك. هذا غير معقول”. 10 سيارات ل«سنة الجزائر بفرنسا” لم تكن شركة تأجير السيارات بالنسبة للنائب العام سوى وسيلة لإغراء وإرشاء مديري المؤسسات العمومية لإيداع أموالهم في بنك خليفة، فمثلا حصل المكلفون بتظاهرة “سنة الجزائر بفرنسا” على 10 سيارات. المتهم يؤكد. النائب العام: جمعية راديوز أيضا أخذت. المتهم يجيب بعدم علمه. النائب العام: اختفت 40 سيارة من الشركة. المتهم لا يعلم. أما الغريب وفق النائب العام أن تكون التسمية التجارية لشركة خليفة لتأجير السيارات هي نفسها تسمية خليفة للإنشاءات، “كا. أر. سي”، وفي ذلك تمويه متعمد، حسبه، لخلط الحسابات والمسؤوليات داخل المجمع. قصة أخرى مشابهة تكشف آليات منح “القروض” من بنك خليفة. المتهم دحماني نور الدين، مدير المضيفين بشركة خليفة “إير وايز”، لم ينكر استفادته من قرض ب 250 مليون سنتيم. لكن كيف حصل عليه؟ يقول: “كنت في رحلة جوية بين جدة وبيروت والجزائر مع عبد المومن خليفة. انتهزت فرصة وجوده في الطائرة وحدثته عن ظروفي العائلية الصعبة، ثم قدمت له طلبا للحصول على قرض وقعه، وقال لي: اذهب إلى عزيز جمال مدير وكالة الحراش”.