أودع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمس، شخصيا ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية لدى المجلس الدستوري، في ظهور نادر له في مكان شبه عام منذ إصابته بالجلطة الدماغية قبل عشرة أشهر، وقام بتحية الصحفيين وفضوليين تجمعوا لرؤيته في مقر المجلس الدستوري. في تحد للمشككين في قدرته على الحضور إلى المجلس الدستوري وقدرته على الاستمرار في منصبه، تولى الرئيس إيداع ملفه بنفسه بدل توكيل مساعدين له بتولي العملية، مفضلا احترم إجراءات الإيداع، بعدما كان إعلان ترشحه تم بالوكالة من الوزير الأول عبد المالك سلال. ووصل الرئيس على متن سيارته الشخصية، سوداء اللون من صنع ألماني، جالسا إلى جانب السائق، في موكب ضم شقيقه ومستشاره السعيد بوتفليقة، في حدود الخامسة إلا عشر دقائق، قبل يوم عن انتهاء آجال إيداع الترشيحات، ودون إعلان مسبق من قبل المجلس الدستوري ومصالح رئاسة الجمهورية، وتستر من أعضاء الحكومة على موعد الإيداع. ولأسباب ترتبط بعدم قدرة الرئيس على السير، استقبل الرئيس من الجهة السفلية المجاورة لمدخل مديرية السجون، ودخلت سيارته إلى المرأب ليأخذ المصعد إلى مكاتب رئيس المجلس، مراد مدلسي، الذي تم تعيينه في هذا المنصب في التغيير الحكومي الأخير من قبل بوتفليقة شخصيا. وقام بوتفليقة بتحية الصحفيين عند وصوله، كما أعاد تحيتهم بعد خروجه بعد حوالي ساعة، وتمكن المتابعون وأغلبهم صحفيون من الاقتراب بشكل لصيق من سيارته، رغم محاولات الأمن دفعهم وإبعادهم عنه. ولم يختلف منظر الرئيس بوتفليقة عن الصور التي بثها التلفزيون سابقا، وخصوصا الشحوب، وصعوبة الحركة، وبدت آثار المرض واضحة عليه، لكن ذلك لم يمنعه من رفع يديه ولو بصعوبة، وتكرار حركته المعروفة، رفع اليد ووضعها على قلبه لشكر بعض أنصاره الذين رددوا شعارات مؤيدة له، كما أطلقت زغاريد، وأجهشت سيدة بالبكاء عند خروجه.. وإلى جانب الفرق في طريقة استقبال الرئيس المرشح عند ولوجه مقر المجلس، تغير أيضا الديكور، حيث ظهر أغلب المرشحين جالسين على أريكة جنبا إلى جنب مع مدلسي، فقد بينت صور التلفزيون الرئيس جالسا على كرسي لوحده تفصله طاولة عن مراد مدلسي. ولم يتمكن إلا التلفزيون الحكومي من تغطية إيداع الملف، عكس ما تم مع بقية المرشحين. واكتفى الرئيس بتصريح مقتضب للتلفزيون الجزائري، وقال: ”لقد جئت لأودع ملف ترشحي بصفة رسمية تطبيقا لأحكام المادة 74 من الدستور وقانون الانتخابات”. وتحدد المادة 74 المشار إليها إلى فترة الرئاسة المقدرة بخمس سنين وإمكانية تجديد انتخاب رئيس الجمهورية”، وعدلت هذه المادة في 2008 للسماح له بالترشح لعهدة جديدة في 2009، في السنة الجارية. ويضع تقديم الرئيس المرشح ملف ترشحه حدا للآمال الضعيفة باحتمال تراجعه عن دخول السباق وفتح باب التداول على كرسي الرئاسة الذي يشغله منذ 15 عاما. وقبل وصول الرئيس، قامت 9 سيارات نفعية بإيداع استمارات اكتتاب توقيعات مواطنين مملوءة، وتطلب الأمر حوالي ساعة لتفريغها. اعتقال علي بلحاج قبل وصول بوتفليقة وقبل وصول الرئيس بوتفليقة، اعتقلت مصالح الأمن علي بلحاج، الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ المحظورة، وتم سحبه إلى مركز الشرطة التابع للمجلس الشعبي الولائي، قبل نقله في سيارة شرطة إلى أحد مراكز الأمن. وكان بلحاج يحمل، لحظة اعتقاله، لافتة خضراء كتب عليها ”المجلس الدستوري في يد من عيّنه، وفاقد لأهليته والمطالبة بتوسيع الإخطار للمواطنين”.