أجمع المؤرخون والدكاترة والباحثون والأساتذة من مختلف جامعات الوطن، خلال الملتقى الوطني “الأوراس عبر التاريخ”، أمس، على أن الاحتلال الفرنسي عمد إلى طمس وتخريب آثار الدولتين النوميدية والبونية المنشأتين في القرن الرابع قبل الميلاد، وبالمقابل أبرز تاريخ الرومان، حتى لا يكون هناك مرجع للاستدلال به على وجود سكان وحضارات في ما قبل التاريخ وفجره. أكد المؤرخون والباحثون والدكاترة والأساتذة القادمون من جل جامعات الجزائر، خلال اليوم الأول من الطبعة الثانية التي احتضنها المتحف الولائي “الإخوة الشهداء بولعزيز” بخنشلة، على أن الأوراس ما قبل التاريخ وفجره حتى الثورة التحريرية الكبرى، كان المحور الأساس، ليس فقط في جغرافية الجزائر، ولكن في بلدان المغرب القديم، من خلال وجود الإنسان الأطلسي في المنطقة، والذي يعود تاريخه إلى 7 آلاف سنة قبل الميلاد. وتطرقت جل المحاضرات التي قدمت في اليوم الأول للحضارة النوميدية في بلاد المغرب القديم، من خلال العمران والصناعة والثقافة وتركيبة المجتمع، بقيادة الملك “ماسينسيا” و”ماسيسيبيا” و”يوغرطة” وغيرهم. وتناولت المداخلات كل محاولات الاحتلال الفرنسي طمس هذه الحقبة التاريخية الهامة، والعمل على إظهار ما قام به الاحتلال الروماني في المنطقة التي لاتزال بعض معالمها في قسنطينةوباتنةوخنشلة وتبسة شاهدة على ذلك، في الوقت الذي لاتزال حضارة الدولة النوميدية والبونية تحت الأرض، منتقدين الإهمال الذي تعرفه الآثار في الجزائر، والتي بقيت رغم مرور 50 سنة من الاستقلال مدفونة، والدليل على ذلك وجود آثار مدفونة في ولايات الأوراس الكبير، وما ظهر على سطح الأرض بقي معرضا للإهمال، وعلى سبيل المثال ضريح “إمدغاسن” ببلدية الشمرة في ولاية باتنة، وقصر “الكاهنة” ببلدية بغاي بولاية خنشلة. وركز الأساتذة المتدخلون في نقاشاتهم على الحقبة التاريخية ما قبل التاريخ وفجره، من خلال الدولتين النوميدية والبونية، وحاولوا من خلال الشواهد المتوفرة والكتابات المتداولة أن يبينوا وجود حضارة قائمة بالمنطقة، مبرزين الدور السلبي للغزو الخارجي بكل فتراته وجنسياته، وطالبوا الجهات القائمة على الثقافة والبحث العلمي بالعمل على تفعيل عملية البحث على الآثار، من خلال تشجيع الحفريات وتفعيل المعاهد الموجودة في الجامعات وضرورة البحث، وطالبوا بوزارة للآثار قصد العمل على أن تصبح جزءا من تاريخ الجزائر، وتكون ركيزة في الاقتصاد الوطني، من خلال تكوين مرشدين والإشراف المباشر من قبل المختصين. وأعقبت المحاضرات المقدمة من قبل الأساتذة، نقاشات مستفيضة من قبل الحضور الذين اعترفوا بالفراغ الثقافي والتاريخي لجيل الاستقلال بعد 50 سنة، والجهل الكلي لهذه الحقب التاريخية، خاصة أن مشكل الهوية الذي يعاني منه الجزائريون هو بسبب عدم القراءة الواعية لتاريخ بلادهم.