قرر المجلس التأسيسي في تونس سحب لائحتي طرح ثقة بوزيرين، دون التصويت عليهما، اتهما ب"التطبيع مع إسرائيل" بسبب دخول عدد من السياح الإسرائيليين لتونس. وتشغل السياحة في تونس نحو 400 ألف شخص "بشكل مباشر" وحوالي مليوني شخص "بشكل غير مباشر" بحسب وزارة السياحة التونسية. سحبت بتونس مساء الجمعة لائحتي طرح ثقة بوزيرين تونسيين اتهما ب"التطبيع مع الكيان الصهيوني" بسبب دخول عدد من السياح الاسرائيليين لتونس، دون التصويت عليهما. وتؤكد اللائحتان اللتان قدمتا للمجلس التأسيسي في 24 نيسان/أبريل ضد الوزير المكلف الأمن الوطني رضا صفر ووزيرة السياحة آمال كربول، أن صفر سمح في مذكرة مكتوبة بدخول سياح إسرائيليين إلى تونس وأن كربول استقبلتهم. وفي تونس كما في معظم البلدان العربية هناك حساسية خاصة لكل ما يتصل بإسرائيل. وفي حين كان من المتوقع أن يتم التصويت على لائحتي سحب الثقة مساء الجمعة، أعلن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي أنه "تم سحب لائحتي اللوم". ورأى النائب إياد الدهماني، وهو أحد الموقعين على اللائحتين وكان مدافعا شرسا عنهما قبل ساعات، "أنه لم يكن في نيتنا الإساءة إلى شخصي الوزيرين. لقد أردنا ان نقول أن التطبيع مع إسرائيل خط أحمر". وفسر النائب فيصل الجدلاوي قرار السحب ب"أجوبة الوزيرين" أمام المجلس وبكون نحو أربعين نائبا من أصل 80 وقعوا على اللائحتين، بينهم أعضاء في حزب النهضة الإسلامي، قرروا سحب تواقيعهم، بحسب قوله. وكان لإعلان سحب اللائحتين وقع المفاجأة واستقبل بالتعجب وبملاسنات حادة وسط مطالبة العديد من النواب بالتصويت عليهما. وأنهى المجلس جلسته بالتصويت على بيان يدين كل أشكال التطبيع مع إسرائيل ودعا الحكومة إلى الالتزام بذلك. وكانت وزيرة السياحة نفت أثناء الجلسة أن تكون استقبلت سياحا إسرائيليين، مبررة تصريحاتها المؤيدة لقدوم السياح من كل الجنسيات إلى تونس بضرورة إنعاش السياحة، القطاع الأساسي في الاقتصاد التونسي، والتي تراجعت بتأثير تداعيات الثورة التونسية قبل ثلاث سنوات. من جانبه نفى وزير الأمن الوطني التورط في أي تطبيع، موضحا أنه اتبع الإجراءات المعمول بها وهي السماح لكل السياح الذين يأتون إلى تونس في رحلات بحرية وينزلون لساعات فيها ب"جواز عبور" دون قبول التعامل مع أي جواز إسرائيلي. كما برر إصداره مذكرة مكتوبة للسماح بدخول إسرائيليين بضرورة الرد على "حملة دولية" تتهم تونس ب"التمييز" بعد قرار مسؤول في ميناء حلق الوادي (شمال العاصمة) منع دخول مجموعة صغيرة من السياح الإسرائيليين كانوا ضمن رحلة بحرية وصلت العاصمة التونسية في آذار/مارس. ويرفض غالبية التونسيين في سياق التضامن مع الشعب الفلسطيني، أي سلوك من شأنه إقامة علاقات "طبيعية" مع إسرائيل طالما لم يحصل الفلسطينيون على دولتهم المستقلة. ويذكر الكثيرون بأن سلاح الجو الإسرائيلي أغار في تشرين الأول/أكتوبر 1985 على حمام الشط جنوب العاصمة حيث كان مقر منظمة التحرير الفلسطينية. وقتل في الاعتداء 68 تونسيا وفلسطينيا. كما اغتالت إسرائيل في 1988 بتونس خليل الوزير (أبو جهاد) المسؤول الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية. وترتبط تونس بعلاقات وثيقة مع الفلسطينيين، وكانت مقرا بين 1982 و1994 لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وللرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وسنة 1996، تبادلت تونس وإسرائيل مكتبيْن لرعاية المصالح. لكن تونس قررت في تشرين الأول/أكتوبر 2000 إغلاق المكتبين، تنفيذا لقرارات القمة العربية، إثر قمع إسرائيل الانتفاضة الفلسطينية. ويتزامن الجدل الذي أثاره مؤخرا دخول سياح إسرائيليين إلى تونس مع قرب تنظيم الزيارة السنوية إلى كنيس "الغريبة" اليهودي في جزيرة جربة، والمقرر هذا العام من 16 إلى 18 مايو/أيار الحالي. ودعا رئيس الحكومة مهدي جمعة، مؤخرا، إلى "إبعاد" موسم الحج إلى كنيس الغريبة عن "التجاذبات السياسية". وقال جمعة في تصريحات صحفية "حسب رأي مهنيّي السياحة، لكي ينجح الموسم السياحي، يجب أن ينجح موعد الغريبة". وتشغل السياحة في تونس نحو 400 ألف شخص "بشكل مباشر" وحوالي مليوني شخص "بشكل غير مباشر" بحسب وزارة السياحة التونسية.