بن صالح قال إن المشاورات التي فتحها الرئيس حول إثراء الدستور “أسندت إلى رجل كفء”ǃ ويقصد بذلك أحمد أويحيى.ǃ ولو سلمنا جدلا بأن ما يقوله بن صالح مسألة صحيحة.. فهل هذا يعني أن المشاورات السابقة التي قادها بن صالح قد أسندها الرئيس إلى رجل غير كفءǃ ولذلك عاود الرئيس إسناد الأمر إلى رجل كفء.ǃ نعم، الوثيقة التي أرسل بها أويحيى إلى الأحزاب لا تدل على أن معدها يتمتع بكفاءة بالنظر إلى حجم الرداءة الذي طبع المستوى العام للوثيقة صياغة ومحتوىǃ ونحن أيضا نتعجب كيف لأويحيى “الكفء” بشهادة بن صالح أن يتورط في إرسال وثيقة مصيرية بمثل هذه الرداءة؟ǃ إنه زمن رداءة تكييف الأمة مع مرض الرئيس وليس الدستور وحده. هناك تفسير واحد لهذا الذي قام به أويحيى وهو أنه أراد أن يقيم الحجة على رداءة من قادوا الحوار والمشاورات حول تعديل الدستور سنة 2013 وفي ذلك إشارة واضحة إلى الانتقام المعنوي من بن صالح الذي خلفه أويحيى على رأس “الأرندي” وحاول تنظيف هذا الحزب من آثار أويحيى من خلال عزل العديد من المقربين من أويحيى من قيادة الحزب، بعد أن غضب الرئيس على أويحيى وأبعده من الحكومة ثم أبعده الحزب، متهما إياه بالمعاداة للعهدة الرابعة ومحاولة دفع أصحاب القرار إلى تفعيل المادة 88 من الدستورǃ والبحث عن بن علي جديد في الجزائر.ǃ المسألة ليست في عراك بن صالح مع أويحيى بأصابع الرئيس، بل القضية هي كيف أن لبلد بحجم الجزائر جغرافية وبشرا يصبح رهينة لتداول أويحيى وبن صالح على صناعة السياسة في البلاد؟ǃ أليس من العبث السياسي أن يقوم بن صالح بدعوة حزب أويحيى “الأرندي” إلى إثراء الوثيقة التي أعدها بن صالح أو لنقل أعد أسسها الأساسية للجنة الخبراء التي حررت هذا “الهراء”ǃ وماذا سيقدم بن صالح لأويحيى عندما يتحاور معه حول الوثيقة؟ǃ هل سيقول له إنني أخطأت وقدمت لكم رأيا غير الذي أعتقده. الطريقة التي يتصرف بها الرئيس مع الشعب والرأي العام والمعارضة من خلال جعل أويحيى وبن صالح يتداولان على السياسة في البلاد باسم الدولة، هذه الطريقة وحدها كافية لمن له عقل من المعارضة المحترمة أن يرفض التعامل مع هذا العبث السياسي الذي لا مبرر له. فإذا كان الرئيس يريد أن يكيف الدستور القادم مع حالة مرضه، فكان عليه أن يفعل ذلك جهارا نهارا ولا يختبئ وراء قصور وثيقة بن صالح التي أعدت قبل مرض الرئيس ولم تعد صالحة لأن تمرر ما يريده الرئيس لتسيير حكمنا من الإنعاش؟ǃ فإذا لم تحاسب الدولة والعدالة الرئيس وجماعته هذه على العبث بالدستور والأمة.. فالتاريخ سيفعل ذلك بالتأكيد.