بات واضحا لدى الجميع أن السلطة تريد إنجاز دستور جديد، دستور مسلح بتوافق فيه بتراضي الإخوة في السلاح، ويشكلون ميثاقا توافقيا وطنيا بين ”الطاغوت” و”الإرهاب”.ǃ هذا هو المسعى الذي جعل المسلحين في السلطة يتحاورون مع ”المسلحين” في المعارضة ولا يتحاورون مع السياسيين.ǃ مازلنا في الجزائر نؤمن بأن الفكرة التي لا يسندها ”الكلاش” لا قيمة لها.ǃ سواء كانت هذه الكلاش في السلطة أو في المعارضة.ǃ هذا المنطق هو الذي جعل زمرة الرئيس في مدني مزراق (المسلح التائب) صاحب فكرة قوية ينبغي سماعها أفضل من أي قيادي آخر في الإنقاذ.ǃ السلطة حلت ”حزب الإنقاذ” بحجة أنه جنح للسلاح، وجرمت قيادته السياسية على هذا الفعل، واعتبرته خروجا عن القانون. ولكنها الآن حين تحاور هذا التيار السياسي تتعامل مع المسلحين الذين حملوا السلاح أو تتعامل حتى مع الذين أيدوا السلطة في إدانة اللجوء إلى السلاح مثل الشيخ زبدة.. فكرة معاقبة السياسيين من الإنقاذ والعفو عن المسلحين.. لا تجد تفسيرا لها غير وجود علاقة (ما) بين المسلحين في الإنقاذ بالمسلحين في السلطة.ǃ ولعل هذا هو الذي يفسر لنا حكاية تسوية الأوضاع في إطار المصالحة خارج القانون وخارج العدالة بطريقة تكرس حكاية الإفلات من العقاب. الآن بات واضحا أن أحد أهم أهداف التعديل الدستوري القادم هو دسترة المصالحة.ǃ أي دسترة اللاعقاب وتسجيل القضية ضد مجهول.ǃ ومن يسجل هذه القضية ضد مجهول هم الفاعلون بالسلاح مثل مدني مزراق ونظرائه في السلطة.ǃ ففي الوقت الذي تستباح فيه السيادة القضائية الجزائرية من خلال موافقة السلطة على منح القاضي الفرنسي حق التحقيق في قضية رهبان تيبحيرين على أرض الجزائر، في هذا الوقت ”تُدستَر” فيه حكاية المصالحة بغرض منع القضاء الجزائري من النظر في أية قضية تخص ما حدث من مناكر ومظالم ومحاجز في العشرية الحمراءǃ المسلحون في السلطة الجزائرية مارسوا خلال 25 سنة الماضية اللعب بالسياسيين المدنيين ونسبوا لهم كل مناكر سوء تسيير البلاد وعزلوهم متى شاؤوا مثلما أتوا بهم متى شاؤوا.ǃ ويظهر أن المسلحين في الإنقاذ هم أيضا يريدون القيام بالفعل نفسه ضد سياسيي هذا الحزب.ǃ لهذا انتظروا دستورا مسلحا توافقيا بين الطاغوت والإرهاب، وسيمرر عبر برلمان الحفَّافات بعد الحوار مع من لا يستحق الحوار معه.ǃ ألم يجزم بن صالح بذلك في خرجته التي قال فيها إن المعارضة لا ينبغي أن تقول (لا) أي أن تكون مثل مجلس ”الغمة”.. لا يقول (لا) إلا في الشهادة؟ǃ [email protected]