دخل عماري صايفي، المعروف حركيا ب”عبد الرزاق البارا”، منذ أمس، في إضراب عن الطعام بزنزانته الفردية بالمؤسسة العقابية سركاجي بالعاصمة، تعبيرا عن احتجاجه على ”ظروف الاحتباس القاسية” وعلى عدم إدراجه ضمن المستفيدين من تدابير المصالحة. قال مصدر عليم ل”الخبر” إن دوافع الحركة الاحتجاجية لعماري عديدة، من بينها طول مدة وجوده بين أيدي السلطات دون محاكمة. فقد تم تسليمه من طرف السلطات الليبية للجزائر في أكتوبر 2004، وبقي في الحجز تحت النظر لدى الأجهزة الأمنية في العاصمة وبشار إلى مارس 2011، ثم أودعه قاضي التحقيق بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة الحبس المؤقت بناء على تهم كثيرة تتصل بالإرهاب، أهمها إنشاء منظمة إرهابية وقتل 15 جنديا في بسكرة عام 2000 وخطف سياح أجانب، والمتاجرة بالأسلحة. ونقل المصدر عن صايفي (46 سنة) تذمره من سجنه في زنزانة تحت الأرض، لا يرى منها أي أحد ولا يتلقى زيارة أحد باستثناء زوجته وابنه. ويشتكي السجين غير العادي، من التهاب في المفاصل وانتفاخ في رجليه بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في الزنزانة المخصصة عادة للمحكوم عليهم بالإعدام. ونقل عنه أيضا أنه تلقى وعدا من الأجهزة الأمنية بالاستفادة من إجراءات عفو يسبقها إلغاء الأحكام القضائية التي صدرت ضده. كان ذلك قبل 11 سنة عندما استلمته السلطات من ليبيا التي تسلمته بدورها من حركة انفصالية تشادية، وقع ”البارا” في أسرها في مارس 2003 وكانت بحوزته أموال فدية دفعتها له الحكومة الألمانية نظير الإفراج عن 32 سائحا أوروبيا اختطفهم في صحراء الجزائر. حينها كان صايفي، المعروف أيضا ب«أبي حيدرة الأوراسي”، في طريقه للبحث عن أسلحة في صحراء الساحل بفضل أموال الفدية. وقد كان قائدا للمنطقة الخامسة بالجماعة السلفية للدعوة والقتال. واستفاد قياديون بارزون من الجماعة السلفية من إلغاء المتابعة، بعد فترة قضوها في التحقيق الأمني. والبعض الآخر لا يزال متابعا في قضايا إرهاب، رغم الإفراج عنهم. ويرى صايفي، حسب المصدر، أنه مؤهل للدخول في المصالحة مثل هؤلاء، أما السلطات الأمنية والسياسية فلها رأي آخر في الموضوع على أساس أن ”البارا” شخص غير عادي، لأن أجهزة قضاء دول كثيرة تبحث عنه لمحاكمته. يشار إلى أن ثلاثة قياديين بارزين في ”السلفية” سابقا، لازالوا معتقلين، وأهمهم صلاح قاسمي المعروف ب«أبي محمد البسكري”، وقاضي الجماعة غمازي المدعو ”أبو العباس”، وضابط شرعي من باتنة. وأفاد نفس المصدر بشأن احتجاج صايفي: ”كان يعتقد عندما حوَلوه من المنشأة الاستخبارية التي كان فيها، إلى سجن سركاجي، أن ذلك مقدمة للإفراج عنه وأنه سيستعيد حريته. هو يقول إن ضباطا في المخابرات وعدوه عندما زاروه في بداية سجنه بأن إقامته في سركاجي لن تطول كثيرا”. واختار ”البارا” محاميا بالعاصمة متمرسا على معالجة ملفات الإرهاب للدفاع عنه في قضايا كثيرة عالقة بمجلس قضاء العاصمة. وكلما برمجت محكمة الجنايات جلسة في إحدى هذه القضايا، تؤجل بسبب إلحاح المحامين المدافعين عن المتهمين فيها، على إحضار صايفي للاستماع إليه في الوقائع، بينما يرفض كل القضاة إصدار أمر بذلك لعدم تلقيهم ضوء أخضر من الجهات الأمنية. وتفيد مصادر مطلعة على ملف ”البارا” وتشعباته بأن سبب إصرار الأجهزة الأمنية على إبقائه في السجن، هو حرصها على تفادي المطالبة به من طرف الأنتربول، ولكنها لا تمانع من حيث المبدأ الإفراج عنه. وتسعى الشرطة الدولية إلى القبض عليه منذ 11 سنة، بناء على مذكرة اعتقال دولية صادرة عن النيابتين في ألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية. وسبق لجهازي القضاء في البلدين أن طلبا إنابة قضائية للتحقيق معه لما كان رهن الاعتقال الأمني، لكن الجزائر تحفظت على ذلك.