كرر وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، مصطلح “دولة القانون” أكثر من عشر مرات خلال استعراضه القوانين الجديدة التي ستصدر عن دائرته الوزارية، في إطار مشروع إصلاح العدالة. فكيف كان رده على سؤال يطلب منه إن كانت الطريقة التي تعامل بها رئيس الجمهورية مع عبد العزيز بلخادم تتساوق مع مفهوم دولة القانون؟ رفض لوح، في ندوة صحفية عقدها أمس، بمجلس قضاء الجزائر، الإجابة عن سؤال ل«الخبر” يطلب منه التعليق على ما ذكره قانونيون عن وجود خرق للقانون في التعليمات التي وجهها رئيس الجمهورية للأمين العام لجبهة التحرير الوطني، لإنهاء عضوية عبد العزيز بلخادم من الحزب. وحاول الوزير، الذي رافع مطولا ل«المكاسب التي حققتها الجزائر في مسار بناء دولة القانون في عهد الرئيس بوتفليقة”، إعطاء الانطباع بأن هذا الأمر يتعلق بشأن حزبي، إذ قال: “الطيب لوح القيادي في جبهة التحرير الوطني غائب عن هذه الندوة”. وكانت المؤاخذات القانونية في قضية بلخادم تتعلق بتدخل بوتفليقة بصفته رئيسا في شأن حزبي. ونفى لوح وجود “سجناء سياسيين في الجزائر”، رغم المطالبات المرفوعة من نحو 140 عائلة شكلت تنسيقية تطالب بالإفراج عنهم. وقال الوزير إن “الحكم على هؤلاء تم بسند قانوني من قانون العقوبات، أما في ما يخص الجانب السياسي، فقد تم الفصل فيه بموجب ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أقر باستفتاء من الشعب الجزائري، وصدرت القوانين المتعلقة بتطبيقه”. وبخصوص قضية الخليفة، اعتبر الوزير أن هناك إصلاحا عميقا ينتظر قانون الإجراءات الجزائية، من بين ما سيتطرق إليه هو قرينة البراءة والحد من الحبس الاحتياطي والمؤقت”. وأسقط لوح ذلك على محاكمة عبد المومن خليفة الذي استعادته الجزائر، قائلا: “ليس معقولا أن لا يحاكم المتهم لمدة سنوات. المبدأ هو البراءة حتى تثبت الإدانة”. كما أعلن الوزير أن القاضي الفرنسي المختص في مكافحة الإرهاب، مارك تريفيديتش، سيحل بالجزائر خلال 12 إلى 13 أكتوبر المقبل، لاستكمال تحقيقاته بخصوص مقتل رهبان في تيبحيرين. لكن الوزير لم يفصح إن كانت السلطات الجزائرية ستسمح للقاضي باستخراج جماجم الرهبان السبعة وتحليلها، مثلما يطالب القاضي وعائلات الضحايا الذين يمارسون في الآونة الأخيرة ضغطا كبيرا على السلطات الفرنسية حتى تتوصل مع نظيراتها الجزائرية إلى اتفاق يسمح باستكمال التحقيقات. حضور بوتفليقة افتتاح السنة القضائية إجراء شكلي وبشأن افتتاح الرئيس أشغال السنة القضائية هذا العام، قال لوح إن “حضور الرئيس أو وزير العدل هو إجراء شكلي ولا ينص عليه القانون”. وتوحي إجابة لوح بعدم وجود تأكيد على حضور الرئيس الذي غاب السنة الماضية أيضا عن هذه المناسبة، التي تعود على حضورها، بسبب وضعه الصحي. وفي قضية اللاعب إيبوسي، تحدث لوح بنبرة عالية أنه “عازم على تغيير ممارسات النيابة بصفة جذرية حتى لا تبقى في مكتبها وتعتمد فقط على ما تأتيه الشرطة القضائية لا تضيف ولا تزيد”. وقال: “أعطيت تعليمات صارمة للنيابة لمتابعة التحقيق الابتدائي”. وأوضح أن “المسألة ليست من قذف وأصاب اللاعب، لكنها تتعلق بكل المسؤولين الذين كان لهم دور ولم يقوموا به في الوقاية”. واعترف بوجود فراغ تشريعي في القوانين ذات الاختصاص القضائي المتعلق بالرعايا في الخارج، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا بين مصالحه ووزارة الخارجية لمتابعة ملف الرعية الجزائري عبد الحق غرادية الذي توفي بمطار رواسي بباريس في 21 أوت الماضي. وحول إمكانية التحقيق في التطورات الأخيرة التي تعرفها الخطوط الجوية الجزائرية، قال لوح إن “السلطة القضائية هي التي لها الحق في التحقيق، والنيابة تقوم بدورها”. وخلال مداخلة مطولة، استعرض الوزير أربعة قوانين جديدة تأتي في إطار مشروع إصلاح العدالة. هي مشروع قانون لإنشاء صندوق النفقة، القانون المتمم والمعدل لقانون العقوبات لإقرار حماية قانونية خاصة للمرأة، مشروع قانون عصرنة العدالة، ومشروع القانون المتعلق بحماية الطفل. ووعد الوزير بحلول جديدة لمعالجة كثرة القضايا المطروحة على المحكمة العليا. وقال “إن تراكم القضايا بلغ 257 ألف قضية على المستوى الجزائي، ويجري التفكير حاليا لحل هذا الإشكال العميق”. وأضاف أيضا أن “التفكير جار في الذهاب إلى النقض بعدم دستورية القوانين على مستوى المحكمة العليا”. وفي أجواء اللقاء، قام أحد القضاة شاكرا الوزير لوح عما قال إنها “عملية تحويلات مثالية للقضاة هذا العام، بعدما كان القضاة يحولون بالهاتف ورسائل الهاتف”.