كان الجو شديد الحرارة ذات يوم من شهر جويلية 2012، الإرهاق يكاد يقتل عناصر إحدى وحدات الدرك الوطني الذين كانوا بصدد وضع كمين لقافلة سيارات تهريب قادمة من منطقة الشبابة في صحراء تقع على الحدود بين ولايتي غرداية وورڤلة. وبعد ساعات من الانتظار والمراقبة بالمناظير الميدانية، أقبلت قافلة سيارات كانت تضم مهربين مسلحين، لكنهم لم يصمدوا أمام نيران رشاشات الدرك الوطني فاستسلموا جميعا. وأثناء تفتيش جيوب الموقوفين كان ضمنهم أجانب من جنسية مالية، عثر على وصل إيداع مبلغ 400 مليون سنتيم في حساب شخص مجهول، قال بشأنه أحد المهربين أثناء التحقيق معه، إن زعيم العصابة المدعو محمد التاي، طلب منهم إيداع المبلغ في الحساب على 7 دفعات دون إبراز أية تفاصيل أخرى. وأثناء التحقيق مع هذا الأخير، كشف أن المبلغ والوصل أودع في حساب قريبه الجمركي، ومن هنا أخذ التحقيق منحى آخر، حيث تمكّن محققو الدرك الوطني من كشف علاقة الجمركي مع شبكة مهربي الكيف المغربي، كما بيّنت وقائع محاكمة 6 متهمين في قضية تهريب المخدرات من المغرب إلى مصر عبر مالي، النيجر وليبيا، بأن الأموال التي كانت العصابة تحصل عليها مقابل الكيف المغربي كانت تسحب من وكالة بنك مصري يقع مقره في حي الزمالك الراقي في العاصمة المصرية القاهرة. بدأت مصالح الأمن التدقيق في حسابات عدد من الجمركيين منذ عام 2008 مباشرة بعد إيقاف رئيس فرقة جمارك في قضية تتعلق بتهريب المخدرات من المغرب إلى مصر. وقال مصدر أمني، إن عشرات الحسابات البنكية والأموال العقارية التي يملكها 4 جمركيين محل شبهة تخضع حاليا للتدقيق بطريقة سرية. وأدانت محكمة جنايات مجلس قضاء ورڤلة، 3 من أصل 6 متهمين في إحدى أهم قضايا تهريب المخدرات الدولية التي تنظر فيها العدالة الجزائرية. ووجهت النيابة العامة في هذه القضية تهمة إساءة استعمال السلطة لرئيس فرقة جمارك، وتهم تبييض الأموال الناتجة عن عمليات إجرامية وتهريب وتوزيع المخدرات عن طريق جماعة إجرامية منظّمة لأربعة متهمين. وأظهرت تفاصيل وقائع محاكمة 6 متهمين في قضية تهريب 10 قناطير من المخدرات، بأن أفراد الشبكة الدولية التي مارست تهريب الكيف المغربي عبر عدة دول في الساحل كانت تتقاضى مقابل أموال شبه شرعية سحبت من وكالة البنك المصري. وأشار قرار الإحالة، إلى أن الضبطية القضائية تمكّنت خلال العملية الأولى التي انتهت بحجز 10 قناطير من الكيف المغربي من ضبط 18 بطاقة رمادية مزورة لسيارات دفع رباعي وشاحنات مسروقة ومبالغ مالية ضخمة بالدينار الجزائري والعملة الأوروبية والريال السعودي والدرهم المغربي أثناء تفتيش بيوت ومستودعات يملكها المتهمون في كل من ورڤلة وتمنراست. لكن الأهم في الموضوع، أن المحققين عثروا أثناء تفتيش المركبة التي استقلّها المهربّون على مبلغ مالي ضخم بعملتين بالأورو والدولار الأمريكي في رزم تحمل بيانات تخص وكالة البنك المصري. وقد تواصل التحقيق، ليكشف أن عائدات التهريب كانت توجّه لشراء عقارات في مدينتي تمنراست وورڤلة. وكشف مصدر مقرّب من التحقيق في القضية، أن الاتهام وجّه للجمركي بعد أن ضبط المحققون لدى أحد المهربين الموقوفين بيانات تخص حسابا بنكيا للجمركي. وقد صرح المتهم بأن الجمركي طلب مبلغ 500 مليون سنتيم من العصابة مقابل توفير معلومات والتعاون، وهذا ما نفاه الجمركي الذي حصل على البراءة من التهم الموجهة إليه بعد أن أثبت التحقيق أن المتهم لم يحصل على أي مبلغ مالي من المهربين في حسابه البنكي، وانتهت المحاكمة بتبرئة 3 متهمين والحكم ب20 سنة سجنا في حق متهمين اثنين و 12 سنة سجنا للمتهم السادس.