لا تخفي السلطات العمومية خوفها من اختراق فيروس وباء الإيبولا، إلى داخل التراب الوطني، بعد أن تمكن من الوصول إلى أوروبا عبر بوابة اسبانيا التي سجلت فيها مؤخرا أولى الإصابات. وتتوجه إجراءات وزارة الصحة للمسافرين الأفارقة، سواء زيارة للجزائر أو عبورا بها إلى وجهات أخرى، وبالأخص للحجاج الذين بدأت طلائعهم بالعودة ليلة أمس. ويعترف مسؤولو وزارة الصحة بصعوبة الوضع، خاصة وأن الأمر لا يتعلق بمواجهة فيروس “إيبولا” فقط، بل يمتد للاحتياط ضد انتقال فيروس وباء “كورونا” أو “أنفلونزا الإبل”، بواسطة حجاجنا الميامين على اعتبار أن أكبر بؤرة لهذا الفيروس حددت بالسعودية التي اعترفت بتسجيل عدة وفيات بهذا الوباء. الحجاج والمسافرون الأفارقة تحت المجهر تعيش المطارات والموانئ الوطنية حالات استنفار قصوى بعد أن بات فيروس “إيبولا” على مرمى حجر من الجزائر، إثر اكتشاف أول حالة في إسبانيا، وهو ما دفع بوزير الصحة عبد المالك بوضياف، أول أمس، إلى الوقوف على مدى الاستعدادات في مطار هواري بومدين الدولي وميناء الجزائر، لمنع وصول الفيروس عن طريق المسافرين. فهل نحن مستعدون لمواجهة “الإيبولا”؟ بمطار هواري بومدين الدولي، تبدو الأجواء عادية بالنسبة للمسافرين القادمين من كل الوجهات، وهو ما وقفنا عليه بجولتنا في المكان، “لا شيء ينبئ بأننا مستعدون لمواجهة الفيروس”، يقول أحد المسافرين القادمين من فرنسا، استوقفناه عند خروجه إلى بهو المطار. الإجابة نفسها تلقيناها من باقي المسافرين القادمين من الوجهات الأوروبية، “عادي، لم نلاحظ أي إجراءات غير عادية ولم نمر من ممر خاص. الأمر لا يمكن أن يكون غير ذلك، على اعتبار أن فرنسا لم يصلها الفيروس في اعتقادي”، قالت شابة قدمت من ليون الفرنسية ويبدو أنها أصابت. فالأمر ليس نفسه بالنسبة للمسافرين القادمين من الوجهات الإفريقية، ف12 رحلة التي تصل أسبوعيا إلى مطار هواري بومدين، يخضع فيها المسافرون إلى مراقبة دقيقة منذ بداية انتشار الفيروس. ورغم أن وجودنا في المكان لم يتزامن مع وصول رحلات من دول إفريقية، والأمر نفسه في مطار الحجاج الذي وصلت إليه أول رحلة لحجاجنا، غير أننا تمكنا من الوقوف على الممر الخاص المزود بكاميرا لاستشعار الحمى عند المسافرين “المحتمل إصابتهم بالفيروس” والجهاز لا يتم تشغيله إلا عند وصول هذه الرحلات. يقول الدكتور حاحد عميروش الذي رافقنا في جولتنا: “تعمل فرقنا الطبية 24 ساعة على 24 ساعة، يتم إعلامنا قبل وصول الرحلة لتشغيل الكاميرات، حيث يقوم ثلاثة أفراد على الأقل من طاقمنا بمراقبة المسافرين في هذا الممر، فلا يتم إغفال أي تفاصيل”. ويمرّ جميع المسافرين أمام الكاميرا الموصولة بشاشة تضيء باللون الأحمر في حال استشعار الحمى والأزرق في حال كان المسافر سليما. وبالنسبة للمسافرين المقعدين الذين لا يمكنهم المرور من أمام الكاميرا، فخصصت لهم كاميرا صغيرة الحجم يمكن أن تكشف عنهم حتى قبل نزولهم من الطائرة. مطارات الحجاج تحت المجهر واستثناء الموانئ من نظام “تابي” يباشر مسؤولو مطار أحمد بن بلة بوهران، الروتوشات الأخيرة تحسبا لاستقبال الحجاج ابتداء من نهار اليوم، خاصة مع وجود مخاوف من تسجيل أي حالات تغلغل لفيروس “إيبولا” في أوساط الحجيج، حيث عمد مساء أمس وفد عمل يترأسه مدير للصحة إلى تفقد التجهيزات الطبية الخاصة التي أمرت الوزارة بتثبيتها في المطارات والمناطق الحدودية بغرض كشف أي حالات مشتبه فيها. أكد، أمس، الحاج العربي المدير الجهوي لمؤسسة تسيير مطارات وهران، في تصريح ل«الخبر”، استنفاد جميع الإجراءات الخاصة بالتحصن من مرض “إيبولا” على مستوى مطار أحمد بن بلة الواقع في محور منطقة السانيا، حيث تم تثبيت نظام “تابي” الذي يسمح بالكشف عن حالات الحمى في أوساط المسافرين، من خلال معرفة درجات حرارة أجسامهم بسلاسة كبيرة بموجب المرور على جهاز خاص مزود بكاميرات، إذ قامت إدارة المؤسسة بتثبيت جهازين لكشف حالات الحمى، بمحطة الرحلات الدولية، وداخل محطة “الشابيتو” لاستقبال الحجاج الذين ستركز عليهم الرقابة، خاصة وأن احتمالات ظهور حالات حمى في أوساط المسافرين واردة وقوية، بالنظر إلى أن السواد الأعظم منهم هم من فئة المسنين، فضلا عن احتكاكهم لمدة شهر كامل بجنسيات مختلفة في بؤر تشهد كثافة قياسية، بالإضافة إلى إعلان السلطات السعودية في وقت سابق عن وفاة شخص بجدة يشتبه بإصابته بفيروس إيبولا بعد رحلة عمل إلى سيراليون. وخلافا للمطار، فإن ميناء وهران لم يستفد لحد الساعة من نظام “تابي” الذي من المفترض اعتماده في كل الحدود الترابية والمطارات والمرافئ، استنادا إلى تصريحات عبد المالك بوضياف، وزير الصحة وإصلاح المستشفيات، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات بالنظر إلى حجم أعداد المسافرين الذين يصلون عن طريق البواخر قادمين من إسبانيا، وأوروبا عموما. رواق خاص لمراقبة الحجاج والموظفين بمطار قسنطينة ينتظر انطلاق عملية المراقبة الصحية للحجاج الوافدين على مطار محمد بوضياف الدولي بقسنطينة، بدءا من تاريخ 12 أكتوبر الجاري، وهو موعد هبوط أول طائرة تقل الحجاج على مستوى المطار ذاته، بعد أن وضعت الجهات المسؤولة عن المطار وقطاع الصحة إجراءات احترازية لمواجهة تسرب حالات مصابة بداء الإيبولا وكورونا. وستحط أول طائرة تقل الحجاج بمطار محمد بوضياف، تحمل 250 حاجا في حدود الساعة منتصف النهار ليوم الأحد القادم، وتليها رحلات متتالية قدرت بسبع رحلات تم تغيير تاريخ وموعد عودتها من قبل الجوية الجزائرية، ليصل عدد الحجاج الذين سيفدون إلى قسنطينة قرابة 8 آلاف حاج من عدة ولايات شرقية سيخضعون لمراقبة الأجهزة الصحية والكاميرات الحرارية. يؤطر وصول الحجاج 7 أطباء تم اختيارهم بالتنسيق مع فرق الشرطة التي ضاعفت من عناصرها، إلى جانب ممثلي مديرية الشؤون الدينية، حيث خصص ممر للحجاج بعزلهم عن بقية المسافرين، أين سيمر الجميع على جهاز حراري يقيس معدل الحرارة في الجسم، حيث أن ارتفاعها سيؤدي إلى التدخل السريع للفرق الطبية المتواجدة هناك وتحويله إلى مستشفى بوذراع صالح أو المستشفى الجامعي، مع وضع مستشفى ميداني بالمطار وتدعيمه بسيارات الإسعاف، كما ستشمل المراقبة حسب المتواجدين هناك جميع العمال والمناوبين بالمطار. وأعرب مواطنون عن خوفهم من إمكانية تفشي داء كورونا والإيبولا ضمن الحجاج، خاصة بعد وفاة 14 حاجا. كما سجلت حالات كثيرة وسط الحجاج، وإمكانية تكتم الفرق الطبية التابعة للديوان الوطني للحج والعمرة. قسنطينة: ن.وردة رئيس مصلحة المراقبة الصحية بمطار هواري بومدين الدولي “احتمال وصول حالات لمرض إيبولا إلينا ضعيف” أكد رئيس مصلحة المراقبة الصحية عند الحدود بمطار هواري بومدين الدولي، الدكتور حاحد عميروش، أنه تم اتخاذ كل الإجراءات التي تحول دون وصول فيروس إيبولا إلى الجزائر، وحتى فيروس كورونا، من خلال تعزيز مراقبة المسافرين القادمين من الدول الإفريقية وكذا الحجاج، عبر كاميرات خاصة لكشف حرارة الجسم ووسائل وقائية أخرى. أبرز الدكتور حاحد عميروش في تصريح ل«الخبر”، أمس، أن مصلحة المراقبة الصحية للحدود باشرت إجراءاتها الوقائية مع بداية انتشار الفيروس “رغم أنه لا توجد رحلات مباشرة بين الجزائر والدول التي انتشر فيها الفيروس، وهي سيراليون، غينيا، ليبريا، نيجيريا، لكن هذا لا يمنع من مراقبة جميع الرحلات القادمة من دول إفريقيا”. وأوضح المسؤول الأول عن مصلحة المراقبة الصحية عبر الحدود، أن الطائرات الجزائرية قبل إقلاعها من مطارات داكار، وقادوقو، نيامي وبماكو، تخضع لعمليات تطهير شاملة بمواد خاصة لضمان تطهيرها من أي حشرات تنقل المرض، قبل أن يتم تعقيمها بمواد خاصة. وكإجراءات احترازية، ذكر محدثنا أن جميع المسافرين إلى الدول الإفريقية تتم أيضا مراقبة دفاترهم الصحية قبل الإقلاع، للتأكد إن كان المسافر قد أخذ اللقاح. وفي حال غياب الدفتر الصحي، يقدم المسافر تصريحا شرفيا يؤكد فيه أنه أخذ اللقاح حرصا على سلامته، والأمر نفسه بالنسبة لطاقم الطائرة. كما يتم توزيع مطويات على المسافرين لتحسيسهم بأعراض المرض وسبل انتقاله. وعن سبب اقتصار هذه الإجراءات على المسافرين القادمين من الدول الإفريقية والبقاع المقدسة فقط، برر محدثنا الأمر بكون هذه الدول تتخذ أيضا إجراءات مشددة لمراقبة المرض. وطمأن الدكتور حاحد الجزائريين المتخوفين من احتمال انتقال الفيروس لبلادنا “لأن المناخ في الجزائر لا يساعد على انتشاره”. المستشار الإعلامي لدى وزارة الصحة “لسنا بمنأى عن فيروس إيبولا” أكد سليم بلقسّام، المستشار الإعلامي لدى وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، أن الجزائر ليست بمنأى عن فيروس “إيبولا” القاتل، مضيفا أنه تم اتخاذ إجراءات صارمة لمنع تسربه عبر المعابر الحدودية التي زودت بكاميرات حرارية لرصد الحالات، مع تدريب أطقم شركة الخطوط الجوية الجزائرية للتعامل مع الحالات المشتبه فيها. وقال بلقسّام في تصريح ل«الخبر”، إنه رغم عدم وجود رحلات جوية مباشرة مع الدول المعنية بالداء مثل غينيا وليبيريا، إلا أن الحيطة واجبة، مشيرا إلى أن تنظيم العملية تم عبر مستويين، أولهما تمثل في تزويد المطارات بكاميرات حرارية من شأنها الكشف عن الأشخاص الذين يعانون ارتفاعا في درجة حرارة أجسامهم، إذا ما علمنا أن من بين أولى أعراض الداء الإصابة بالحمى، إلى جانب مراقبة قوائم كل الداخلين للجزائر عبر الموانئ الجوية، والذين يكون قد سبقت لهم زيارة الدول التي انتشر فيها الداء، لأنه قد يحدث أن يدخل أحد المصابين بالداء ولم تكن قد ظهرت عليه بعد أعراض المرض. أما عن المستوى التنظيمي الثاني، فأوضح المستشار الإعلامي لدى وزارة الصحة قائلا إنه يعني الأطقم الطبية وشبه الطبية، التي تلقت تعليمات بوجوب توجيههم الفوري للحالات المشتبه بها إلى المصالح المرجعية للولاية، حيث تم تزويد كل ولاية بمصلحة مرجعية خاصة بها تتوفر على وسائل ضرورية للمساعدة الطبية للمصاب، والتي تستجيب لشروط عزل المصاب، مضيفا أنه تم تزويد كل الأطباء وشبه الطبيين بمخزون كاف من الأقنعة والأجهزة الخاصة بمجابهة مثل هذه الأوبئة، ليتم توزيعها عند الضرورة. كما أوضح محدثنا قائلا بخصوص الإجراءات المتخذة لصالح قائدي الطائرة وكذا المضيفين والمضيفات، أنه تم تنظيم دورات تدريبية لصالح أطقم الخطوط الجوية الجزائرية بادرت بها وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، وأشرف عليها أطباء مختصون، قصد تدريبهم على التعامل مع الحالات المشتبه فيها، والإجراء نفسه تم اتخاذه مع عناصر الشرطة والحماية المدنية، مؤكدا على أنهم يسعوا جاهدين قصد الحيلولة دون دخول هذا الداء القاتل للجزائر. رأي خبير تجنبه واجب حتى أثناء دفن الموتى وباء “إيبولا” قاتل بنسبة 90 في المائة قال الدكتور عبد السلام سعايدية، اختصاصي في علم الأوبئة والطب الوقائي، إن مرض إيبولا قاتل بنسبة 90 في المائة في ظل انعدام علاج أو لقاح مضاد له عبر العالم، مضيفا أن منظمة الصحة العالمية حذّرت من انتشاره وخروجه عن نطاق السيطرة، خاصة وأن عدد الإصابات في تزايد مستمر، حيث سجلت وفاة أكثر من 3400 شخص، معظمهم من غرب إفريقيا. وأشار إلى أنه ينتشر بسرعة عن طريق العدوى من شخص لآخر بملامسة أعضاء الفرد المصاب أو ملامسة دمه أو سوائل جسمه، وأن المصاب به يتطلب عناية مركزة وفائقة، مضيفا أن عمال الصحة هم الأكثر تعرضا له بسبب احتكاكهم بالمرضى، حاثا بالتالي على ضرورة اتخاذ إجراءات احتياطية صارمة كلبس الأقنعة والقفازات، وكذا النظارات الطبية الواقية، خاصة في ظل الاشتباه بوجود حالات ظهرت عليها بعض أعراض الداء الممثلة في الحمى المصحوبة بتعب شديد مع التهاب على مستوى الحلق، إلى جانب حالات إسهال وتقيؤ، ليتطور الأمر إلى اختلال في وظائف الكبد والكلى، مع إمكانية حدوث نزيف داخلي وخارجي وانخفاض في عدد الكريات الحمراء والصفائح، ما ينذر بموت بطيء. وعن التعامل مع المصابين به، أضاف محدثنا قائلا إنه يتوجب عزلهم تماما، سواء في مرحلة التكفل بهم طبيا أو حتى بعد موتهم، إذ من شأن العدوى أن تنتقل للعاملين بمصالح حفظ الجثث، بل وحتى لمن يتولى دفن الشخص الذي أصيب به. الجزائر: ص.بورويلة مكتشف فيروس إيبولا هو عالم الفيروسات البلجيكي، بيتر بيوت منذ حوالي أربعة عقود. أفادت الحصيلة الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية حتى 18 سبتمبر الماضي، أن وباء إيبولا تسبب في وفاة 2793 شخصاً في إفريقيا الغربية من أصل 5762 حالة. الدول الأكثر تضررا بالمرض هي ليبيريا 1578 وفاة من أصل 3022، غينيا: إصابة: 623 وفاة من أصل 965 حالة، وسيراليون: وفاة 584 من أصل 1753 إصابة. لا يوجد أي لقاح أو علاج خاص للحمى النزيفية “إيبولا” الذي تفشى في بداية العام في غينيا. وصف مجلس الأمن الدولي في 18 سبتمبر الماضي هذا الوباء بأنه “تهديد للسلم والأمن الدوليين”. اكتشف الفيروس المسبب لحمى إيبولا عام 1976 في المحافظات الاستوائية للسودان ومناطق زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا)، حيث أصيب حينها 284 سودانيا، توفي منهم 151 مصابا. أما في زائير، فقد توفي 280 شخصا من مجموع 318 مصابا. ومنذ فيفري من العام الجاري، عاد الوباء للظهور وانتشر بسرعة فائقة. حددت منظمة الصحة العالمية ست دول تقع تحت خطر انتشار فيروس الحمى النزفية “إيبولا”، وهي التي تقع مع الدول التي لها حدود برية مشتركة مع الدول التي ينتشر فيها المرض: البينين، بوركينا فاسو، ساحل العاج، غينيا بيساو، مالي، والسنغال. أفاد تقرير صدر عن الهيئة الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن ما بين 550 ألف و1.4 مليون شخص في غرب إفريقيا قد يصابون بفيروس إيبولا بحلول العام الجديد. سجلت أول إصابة بإيبولا بالدول الأوروبية، بإسبانيا، راحت ضحيته ممرضة تولت العناية بطبيب إسباني كان يعمل مع إحدى البعثات التبشيرية في سيراليون، أصيب بالعدوى ونقل إلى إسبانيا قبل أسبوعين، وتوفي في أحد مستشفيات مدريد بعد أربعة أيام من وصوله.