مازال شبح المخدرات يؤرق السلطات الجزائرية، رغم مساعيها في إطار التعاون الدولي، وتبني مجموعة من التشريعات واستحداث أجهزة جديدة لمكافحة هذه السموم، حيث كشفت المديرية العامة للأمن الوطني عن أرقام مخيفة سجلت منذ بداية العام، تمثلت في حجز أكثر من 61 طنا من القنب الهندي، إضافة إلى حوالي 49 كلغ من المخدرات الصلبة، وتوقيف 7754 شخص متورط في تهريبها على المستوى الوطني. تعرف الجزائر تدفقا رهيبا للمخدرات في السنوات الأخيرة، حيث تشير أرقام مختلف الجهات الأمنية إلى استفحال تعاطي الكيف المعالج أو ما يعرف ب”السم الأخضر” بين الشباب، سواء في الشارع أو المدرسة أو الشواطئ، بل وحتى في محيط المساجد. مقابل ذلك، تحاول مصالح الأمن المعنية بمكافحة الظاهرة كسر ذراع الشبكات التي تستهدف الجزائر سواء كسوق أو كمنطقة عبور نحو شرق وشمال إفريقيا أو أوروبا، وذلك من خلال المحجوزات وتوقيف أصحابها. فحسب أرقام المديرية العامة للأمن الوطني، تمت مصادرة كمية معتبرة من المخدرات، خلال العشرة أشهر من السنة الجارية، تمثلت في 61 طنا و52 كلغ و208 غ من القنب الهندي. كما أن تهريب هذه السموم لم يعد يتوقف على القنب الهندي، بل تعداه إلى المخدرات الصلبة التي تشكل خطرا كبيرا على صحة المدمنين، لاسيما مادة الكوكايين، بحجز 48 كلغ و726غ، إضافة إلى 341 غ من الهيروين وأكثر من 549 ألف قرص من المهلوسات، مع توقيف 7754 متورط في 5951 قضية. وتسجل الجزائر رقما قياسيا في كمية المخدرات المستخلصة من القنب الهندي القادمة من المغرب في ظرف 10 سنوات، حيث بلغت الكمية المحجوزة 614 طن حسب آخر تصريح للمدير العام بالنيابة للديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان، محمد بن حلة، لوكالة الأنباء الجزائرية، الذي كشف في ذات السياق أن كمية القنب الهندي المحجوزة بلغت 614 طن في عشر سنوات (2003-2013)، حيث انتقلت المحجوزات من أكثر من 8 أطنان سنة 2008 إلى أكثر من 211 طن سنة 2013 أي بزيادة تفوق نسبة 2500 بالمائة. وتأتي هذه الأرقام لتدعم التقرير الذي أعده المرصد الأوروبي لمكافحة الإدمان والمخدرات، الذي نشر بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات يوم 26 جوان 2014، وأشار إلى أن المغرب حافظ على الصدارة في قائمة الدول المصدرة للحشيش نحو البلدان الأوروبية. عائدات خيالية وأصبحت عائدات الاتجار بالمخدرات أهم مصدر لتمويل الجماعات الإرهابية بعد أن شحت عنها باقي مصادر التمويل، وهي أيضا مصدر من مصادر تبييض الأموال والجريمة المنظمة، ولعل هذا ما دفع الدولة إلى تبني مجموعة من النصوص القانونية، من بينها قانون مكافحة المخدرات لسنة 2004 وقانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وقانون مكافحة التهريب، واستحداث وتدعيم مختلف الأجهزة المكلفة بمحاربة المخدرات بأجهزة أكثر فاعلية. وإذا كانت السلطات تحاول من حين لآخر طمأنة الرأي العام، من خلال حملات التحسيس والتوعية التي تطلقها مع كل مناسبة في المؤسسات التربوية لاحتواء الظاهرة، إلا أن الأساليب التي أصبح “يتفنن” في استعمالها بارونات المخدرات، جعلت المختصين يدقون ناقوس الخطر، ويرون في تحسين الوضع الاجتماعي للمواطن الجزائري والقضاء على البطالة من بين أهم أساليب التصدي للظاهرة.