بقبول الأفالان المشاركة في مبادرة الأفافاس، تكون أحزاب الموالاة أكثر “تحمسا” لمبادرة “الإجماع الوطني” من المعارضة نفسها، رغم أن المبادرة يقودها أقدم حزب معارض في الجزائر. فهل رد فعل حزب الأغلبية يعكس حالة الضعف التي تعيشها السلطة ومدى حاجتها لشركاء آخرين في الساحة الوطنية ؟ سارع الأفالان إلى الإعلان عن رغبته المشاركة في ندوة الأفافاس، رغم أن اللقاء المبرمج بينهما لم يعقد بعد، ورغم أن مشاورات حزب الدا الحسين هي في بدايتها ولا يزال الطريق طويلا أمامها. ولا يريد الأفالان، في رده الإيجابي على الأفافاس، استباق الأرندي الذي فضل التريث قبل الإعلان عن موقفه، بقدر ما يريد الحرص على عدم تفويت فرصة قربه من الأفافاس، خصوصا بعدما أعلنت أحزاب محسوبة على المعارضة انتقادها لمبادرة جبهة القوى الاشتراكية وعدم المشاركة فيها، على غرار حركة مجتمع السلم وتنسيقية الانتقال الديمقراطي وقطب قوى التغيير. وضمن هذا السياق، فإن مسارعة الأفالان في طبعة عمار سعداني، بالإعلان عن دعمه لمبادرة الإجماع الوطني، أراد إرسال رسالة إلى قيادة الأفافاس بأنه إذا كانت أحزاب المعارضة انتابها “الشك” من مبادرة الإجماع الوطني، فإن حزب السلطة الأول، الأفالان، سيقف إلى جانب أقدم حزب معارض في البلاد. فهل المعارضة كانت قاسية على الأفافاس مقارنة بالترحيب الذي لقيته مبادرته وسط أحزاب الموالاة ؟ قد تكون أحزاب المعارضة، على غرار تنسيقية الانتقال الديمقراطي، قد تسرعت في موقفها من مبادرة الأفافاس، ولم تتعامل معها بالثقة المطلوبة إلى أن يثبت العكس، وهو موقف ولدته “الزعامات” و«الأنانيات” التي ظلت تتحكم في مبادرات أحزاب المعارضة، لكن عندما تشكك قوى المعارضة في أقدم حزب معارض، فهذا يعني أن قيادة الأفافاس لم تجتهد كثيرا في إقناع أقرب المقربين إليها في المعارضة بالمبادرة التي تطرحها، ولم تقدم الضمانات الكافية لهم، عكس أحزاب السلطة التي رحبت بوفد الأفافاس حتى من دون أن يفصل في مبادرته، وهو ما يعني أن أحزاب الموالاة تريد استغلال “البرودة” التي تعاملت بها أحزاب المعارضة مع مبادرة “الإجماع الوطني” لقطع الطريق أمام الأفافاس دون عودته لخندق المعارضة. وإذا كان موقف الأفالان قد يُكسب الأفافاس ربح ورقة تقريب السلطة من مبادرة الإجماع الوطني التي لم تكشف الهيئة المديرة للأفافاس عن تفاصيلها ولا ما سوف يترتب عنها، لكن قد تضيع مبادرة الأفافاس باقتصار الحضور في ندوة الإجماع على أحزاب السلطة وغياب قوى المعارضة، وهو ما يجعل الإجماع مفقودا أو هشا، ما يفرض على قيادة حزب الدا الحسين التكثيف من اتصالاتها مع الموالين والمعارضين حتى لا يضيع أجر الاجتهاد.