هل تقترب السلطة إلى مبادرة الأفافاس بشأن ”الإجماع الوطني” التي يدعو إليها، وهو ما ظهرت بعض مؤشراته في عدم اعتراض أويحيى عن مشاركة أحزاب الموالاة فيها، مقارنة بما جرى مع ندوة الانتقال الديمقراطي؟ أم أن السلطة ستدفع لتشجيع تنوع المبادرات السياسية حتى يسهل عليها ضرب بعضها ببعض وتفتيتها في نهاية المطاف؟ حظيت مبادرة الأفافاس حول الإجماع الوطني، بنوع من الدعم من قبل السلطة حتى وإن كان بالكاد يظهر علنا، من خلال ترحيب أحمد أويحيى بفكرة ندوة ”للإجماع الوطني” التي يطرحها الأفافاس، قائلا أن الجميع حرّ في حضورها بما فيها أحزاب الموالاة، وهو ما لم تقله السلطة باتجاه ندوة الانتقال الديمقراطي التي انتقدتها أحزاب الموالاة بشكل غير مسبوق. قد تكون السلطة قد أرادت تثمين وزن الأفافاس كرد للجميل، بعدما رافع أمينه العام أحمد باطاطاش في ندوة الانتقال الديمقراطي، بضرورة إشراك النظام في التغيير ”إن تجارب الانتقال الديمقراطي الناجحة، هي تلك التي تم فيها إشراك النظام في التغيير، أما التي انفردت بها المعارضة فمصيرها كمصير بلدان ما سمي بالربيع العربي”، وهو ما لم تفعله قيادات تنسيقية الحريات، حيث قال رئيس الأرسيدي محسن بلعباس إن ”النظام قد فشل وحان رحيله”. وبين دعوة الأفافاس لإشراك النظام في التغيير وبين مطالبة الأرسيدي برحيل النظام، لم تجد السلطة صعوبة في الاختيار، ما بين مواقف قوى المعارضة، بحيث فضلت التقرب من الأفافاس وهو أقدم حزب معارض في البلاد، على حساب التكتل المعارض الجديد (تنسيقية الانتقال الديمقراطي)، ليس فقط لأن حزب الدا الحسين كسر طوق المقاطعة بمشاركته في المشاورات حول تعديل الدستور، والتي وصفها أويحيى بالمشاركة ”الواضحة” و”الفعالة”، لكنها بالنسبة للسلطة مشاركة لم تترك أي مجال للمقاطعين للاستمرار في المقاطعة، من خلال تأكيد مدير الديوان بالرئاسة أن اللقاء الذي جمعه مع الأمين الأول أحمد بطاطاش وقياديين آخرين للحزب كان ”جد ثري أثبت إمكانية الحوار مع الأطراف المعارضة وجسد معاملة سياسية متحضرة”، وهي رسالة مفادها أنه إذا كان الحوار قد جرى مع أكثر حزب راديكالية في مواقفه تجاه ”النظام” منذ تأسيسه، فكيف لا يتم ذلك مع أحزاب كانت عضوا في الحكومة سابقا؟ فهل ستكون ندوة الأفافاس حول ”الإجماع الوطني”، القاطرة التي تقرب المسافة بين السلطة وبين تنسيقية الانتقال الديمقراطي، خصوصا وأنه ينتظر مشاركة هذه الأخيرة فيها معاملة بالمثل، وأيضا مشاركة أحزاب من الموالاة بإيعاز من السلطة نفسها، وهو ما يطرح تساؤلات إن كان هناك صفقة بين السلطة والأفافاس والدور المنوط لعبه من قبل هذا الأخير. وتكون هذه الزاوية المفتوحة وراء تأكيد أويحيى، أن باب رئاسة الجمهورية مفتوح أمام الأطراف المقاطعة للمشاورات حول تعديل الدستور لتقديم آرائهم ومقترحاتهم ومواقفهم حتى وإن كانت ”عنيدة” تجاه موقف السلطة، وهو تريث مبني على حسابات تكون قد تواصلت بها السلطة.