أشار الخبير الاقتصادي، السيد عبد الرحمن مبتول، إلى أن تراجع أسعار النفط بدولار واحد تنتج عنه خسارة ب700 مليون دولار، بينما يساهم انخفاض الأسعار ب35 دولارا في تحويلات مالية بين المنتجين والمستهلكين ب3 ملايير دولار يوميا، مفيدا بأن الانخفاض يؤثر على معظم البلدان المصدرة للنفط وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة. ولاحظ مبتول أن بعض التحليلات تفيد بإمكانية أن تدفع التكلفة المرتفعة لإنتاج المحروقات غير التقليدية إلى تحديد توازن جديد لأسعار البرنت “مؤشر بحر الشمال” ما بين 75 و85/90 دولارا، وأن الانخفاض لم يصل بعد إلى مداه الأقصى، حسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة. ووفقا لتوقعات الوكالة دائما، يشير مبتول إلى أنه ينتظر أن يظل الطلب متوقفا في حدود مليون برميل إضافي هذه السنة ولن يتجاوز 1.2 مليون برميل يوميا العام المقبل، في وقت تظل مستويات إنتاج منظمة أوبك ب30.6 مليون برميل يوميا فوق معدل الإنتاج المتفق عليه أي 30 مليون برميل يوميا. وأشار مبتول إلى أن التكلفة الحدية للإنتاج السعودي- أي أعلى تكلفة لبئر بترول قابل للاستغلال- تتراوح ما بين 25 و30 دولارا مقابل 70 و80 دولارا للنفط الصخري الأمريكي، وبالتالي فإن تراجعا متواصلا تحت 80 دولارا لا يساعد المنتجين الأمريكيين وإن ظل الواقع أكثر تعقيدا ويكتسي أبعادا جغرافية سياسية، فأي اتفاق بين الولاياتالمتحدة والعربية السعودية، مع انضمام دول الخليج الأخرى والشركات متعددة الجنسيات حول سعر تحت 80 دولارا على المدى المتوسط، يمكن أن يساهم في إعادة هيكلة تستفيد منها الاقتصاديات الكبيرة والنظام المالي على غرار ما حدث في أزمة 2008، وهو ما سيضع دولا مثل روسيا وإيران في موقع صعب، ناهيك عن دول مثل الجزائر وفنزويلا، فروسيا بحاجة إلى برميل ب110 دولار وفنزويلا ب120 دولار وإيران ب140 دولار والجزائر في حدود 110 دولار، لتحقيق توازن في الميزانية. وعدد مبتول أسباب التراجع بانكماش وركود الاقتصاد الدولي، منها تباطؤ نمو البلدان الصاعدة وخاصة الصين، مع تسجيل ارتفاع نسب الفوائد، مقابل فائض الإنتاج مقارنة بالطلب ودخول إنتاج النفط والغاز الصخري الأمريكي الذي قلب الموازين، حيث انتقل من 5 ملايين برميل يوميا إلى 8.5 مليون برميل يوميا و9.5 مليون في 2015. في السياق نفسه، برزت صراعات غير معلنة داخل “اوبك”، وهو ما تجلى في عدم احترام بعض الدول الأعضاء لحصصها ورغبة السعودية في عدم فقدان حصصها في السوق، حيث تظل الرياض من البلدان القادرة على التأثير على العرض وبالتالي الأسعار، ويقابل ذلك سياسات توسعية لمجمع “غازبروم” الروسي، من خلال مشاريع كبيرة للغاز بمقدار 125 مليار متر مكعب، لحاجة موسكو إلى الموارد المالية، يضاف إلى ذلك عودة الإنتاج الليبي ب800 ألف برميل يوميا والعراق ب3.7 مليون برميل، ولكن أيضا بروز منتجين جدد مثل المزمبيق التي يمكن أن تتحول إلى ثالث مخزون في إفريقيا والتكنولوجيات الجديدة التي تسمح بتقليص التكاليف، كلها عوامل تساهم في التأثير على الأسعار، فضلا عن تقلبات صرف الدولار والمضاربة. ودعا مبتول إلى ضرورة إنشاء لجنة أزمة، مشيرا إلى أن أسعار الغاز أيضا متدنية، فالجزائر بحاجة إلى سعر ب10 دولار لمليون وحدة حرارية لتحقيق المردودية للغاز الطبيعي و15 دولارا للغاز الطبيعي المميع، فالجزائر تواجه تراجع إيرادات سوناطراك المقدرة ب73 مليار دولار ما بين 2010 و2011 و63 مليار دولار في 2013 و60 مليار دولار في 2014 بمعدل سعر يقدر ب102 دولار، وبمعدل دون 80 دولارا ستصل إيرادات سوناطراك أقل من 50 مليار دولار، والسيناريو سيصبح أسوأ بكثير مع سعر أقل من 80 دولارا للبرميل.