تحاول دول مثل الجزائروفنزويلا وإيران، إيجاد السبل الكفيلة بإقناع الأعضاء بأهمية تحقيق حد أدنى من الانضباط، من خلال عدم تجاوز سقف الإنتاج المقدر ب30 مليون برميل يوميا، رغم التحفظات التي تبديه بلدان منها المملكة العربية السعودية من مثل هذا المسعى، حيث ترغب الرياض في الحفاظ على حصص السوق التي تراجعت، لاسيما مع التطور المسجل في إنتاج بلدان خارج “أوبك” وتطوير النفط الصخري الأمريكي، وتحول الولاياتالمتحدة إلى أكبر منتج للمحروقات. في نفس السياق، كشفت تقارير متخصصة عن استفادة عدة قطاعات في البلدان المستهلكة من التراجع الكبير والقياسي لأسعار النفط، حيث أشارت نفس التقارير إلى أن انخفاض الأسعار ب35 دولارا يترتب عنه تحويل 3 ملايير دولار يوميا بين المنتجين والمستهلكين، ولم تعرف أسعار البترول تقلبات في ظرف قصير منذ أربع سنوات أي منذ 2010، حيث فقد سعر البرميل نسبة 30 في المائة من قيمته، ومنذ أن بلغ حده الأقصى ب115 دولار في جوان، فإن مؤشر بحر الشمال “برنت” فقد 35 دولارا، بعد أن انخفض تحت عتبة 80 دولارا، وهو مستوى يقلق كثيرا البلدان المصدرة للنفط، وإن أشارت التقديرات إلى إمكانية حدوث تغييرات طفيفة خلال سنة 2015، إلا أن مختلف الإسقاطات تفيد بتسجيل سعر متواضع خلال السنة المقبلة، ما سيضعف موقع العديد من البلدان، نتيجة عوامل من بينها تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي والارتفاع المحسوس لإنتاج النفط الصخري الأمريكي وارتفاع قيمة صرف الدولار، إلى درجة توقع فيه بنك الأعمال الأمريكي غولدمان ساتش بقاء أسعار النفط في حدود 85 دولارا خلال الثلاثي الأول من 2015 و80 دولارا خلال الثلاثي الثاني. من جانب آخر، تشير توقعات الاستهلاك العالمي إلى بقائها في حدود 90 مليون برميل يوميا، وهو ما يساهم في تخفيف أعباء فاتورة الطاقة للدول الصناعية والصاعدة على رأسها الصين، يضاف إليها الصناعات المستهلكة لمشتقات النفط والوقود منها الصناعة الكيميائية والنقل، فشركات صناعة العجلات المطاطية الدولية مثلا تربح 12.5 مليون دولار في كل تراجع لدولار واحد من النفط، كما تستفيد قطاعات السيارات. بالمقابل، فإن المنتجين من أكبر المتضررين لاقتطاع جزء كبير من إيراداتهم، حيث تحتاج معظم البلدان إلى معدل نفط يتراوح ما بين 90 و100 دولار للبرميل، بل هنالك دول تحتاج إلى أكثر من ذلك مثل فنزويلا ب162 دولار ونيجيريا ب126 دولار و99 دولارا للمملكة العربية السعودية حسب تقديرات “دويتش بنك”، ولا تعد البلدان وحدها المتضررة، بل حتى الشركات البترولية، التي تتأثر بمستويات أسعار ضعيفة، بالنظر إلى ارتفاع تكلفة الاستكشاف والبحث والإنتاج في عدة حقول، ما يؤثر على مردود هذه الحقول التي تحتاج إلى تكنولوجيات معقدة.