يتعجب بعض الجزائريين من تصرّف الرئيس بوتفليقة مع زعيم الأرندي أويحيى وزعيم الأفالان سعداني.. لكن المتتبع للوقائع السياسية لا يأخذه العجب من تصرفات الرئيس إزاء هؤلاء، ويستغرب عاقل من تصرفات هؤلاء مع تصرف الرئيس إزاءهم. سعداني ترأس لجنة مساندة الرئيس في العهدة الأولى والثانية، واستحق أن يكافأ على مواقفه هذه بأن يصل إلى رئاسة المجلس الشعبي الوطني.. ولكنه تصرف بحماقة مع الفرنسيين بإطلاق تصريحات باسم رئاسة المجلس الشعبي الوطني جعلت الفرنسيين يشتكونه للرئيس بوتفليقة، الذي قام بعد ذلك بإبعاد سعداني من المجلس.. وقال له: “الخطأ ليس في إبعادك من رئاسة البرلمان، بل الخطأ أنني سمحت بتعيينك على رأسه”ǃ لكن سعداني يعرف كيف يتحدث للذين فمهم في أذن الرئيس، فأصلح سعداني علاقاته مع الفرنسيين أولا ثم عمد إلى تطوير “شيتته” مع الذين لهم بالغ التأثير على الرئيس في المؤسسة العسكرية والمؤسسة الإدارية، وطوّر أساليب هجومه على من يهاجم الرئيس في مؤسسات صنع القرار.. واستحق بذلك حُظوة خاصة عند الرئيس ورجاله في النظام، فاستلم الأفالان نكاية في الذين خانوا الرئيس باسم الأفالان، مثل بلخادم وغيرهǃ وبذلك ظهر سعداني وكأنه رجل المرحلة القادمة لخدمة تعيين من يريده الرئيس لخلافته باسم الأفالان وغير الأفالان.. وسعداني هو الرجل المناسب لأداء هذه المهمة أكثر من غيره في هذا الحزب، مثل أويحيى في الأرندي، تماما وفق النظرية السياسية الجديدة “عَدْ ارجالك وازڤي”ǃ أما أويحيى فقد تعرّض إلى غضب الرئيس سنة (2005) وهو رئيس حكومة، عندما بحث مع أصحاب القرار آنذاك إمكانية تطبيق المادة 88 من الدستور، مادام الرئيس قد تعرّض إلى مرض في المعدة، قدّر بأنه خطير.. والمسؤولية الوطنية تتطلب أن لا تترك الرئاسة شاغرة.. ولكن الرئيس تعافى وعاد إلى مهامه ولم يغفر ذلك لأصحاب القرار ومعهم أويحيى، فأبعده عن رئاسة الحكومة، وكاد يبعده عن رئاسة الأرندي أيضا، ولكن أبناء الحلال قالوا للرئيس إن ما قام به أصحاب القرار وأويحيى أثناء المرض الرئاسي هو عبارة عن تطبيق توجيهات الرئيس بخصوص تحضير البلاد لأسوأ الاحتمالات وليس انقلابا على الرئيس. لهذا اكتفى الرئيس بإبعاد أويحيى من رئاسة الحكومة وعفا عنه بخصوص رئاسة الأرندي، لكن الرئيس مرض مرة أخرى وأويحيى رئيس للحكومة وتكررت العملية.. لكن الرئيس فاز بعهدة رابعة... وكالعادة دخل أويحيى في دائرة غضب الرئيس، فأبعد من الحكومة ومن الحزب، ولكن سُعاة الخير أوضحوا للرئيس مدى حاجته إلى وفاء أويحيى وهو يخوض حرب العهدة الرابعة فأعاده إلى الرئاسة.. ولأن أويحيى وراءه قوة حزب الإدارة وحزب الأرندي وأجزاء واسعة من أصحاب القرار، لذلك تمت إعادته للأرندي لإنجاز ترتيبات يعرفها أويحيى وبوتفليقة وأصحاب القرار، ولاشيء غير ذلك. [email protected]