لا يزال معارضو الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، يطمعون في أن تنصفهم العدالة بإلغاء المؤتمر العاشر وما ترتب عنه من نتائج، رغم ضعف هذا الاحتمال قياسا إلى الأحكام السابقة التي لم تكن في صفهم. والتشبث بالعدالة كخيار وحيد، ليس سوى تعبير عن “اليأس” من إمكانية تدخل الرئيس بوتفليقة، بصفته رئيسا للحزب، بعد أن أكدت رسالته الأخيرة دعمه الصريح للقيادة الحالية. يبدو عبد الرحمن بلعياط، منسق ما يعرف بالقيادة الموحدة للأفالان وأبرز معارضي القيادة الحالية التي يرفض الاعتراف بها، غير مكترث لتداعيات المؤتمر الأخير للأفالان الذي كرس واقعا، خصمه عمار سعداني أمينا عاما للحزب، وبتزكية من أعلى السلطات في الدولة، بدءا برئاسة الجمهورية وقيادة أركان الجيش وباقي المؤسسات الدستورية، وفق ما أظهرته رسائل التهنئة التي تهاطلت على الحزب. ويعود بلعياط إلى هذا السند الذي يلقاه سعداني من الرئيس، فيقول: “على فرض أن الرسالة التي وردت إلى سعداني صادرة عن الرئيس، فإن النظر إلى مضمونها يظهرها مليئة بالتناقضات. إذ كيف يعطي الرئيس إشهادا على أن قيادة الأفالان منسجمة بينما عاش الحزب صراعا حادا حول منصب الأمين العام؟”. ويصر الوجه الأفالاني البارز، على أن تزكية السلطات العليا لسعداني ممثلة في الرئيس وقائد الأركان، لا يمكنها إضفاء الشرعية القانونية على قيادته ما دام تنصيبها جرى في ظروف غير قانونية. ويجيب بلعياط في اتصال به، حول واقع المعارضين لعمار سعداني اليوم، بأنهم لا زالوا يعملون لحشد التأييد في صفوف المناضلين من أجل استعادة الحزب من أيدي “مغتصبيه”، كما يقول. بل يعتبر أن استمرار “النضال” بعد “مهزلة المؤتمر العاشر”، يعد “مقاومة تعطي رسالة سياسية واضحة بأننا لن نستسلم وسنبقى ننادي باحترام القانون”. ثم يضيف “لازلنا نعتبر أنفسنا أعضاء في اللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر التاسع ولن نعترف بهذا المؤتمر الذي نسعى لإبطاله عبر القانون”. ويفصل عبد الكريم عبادة، القيادي الآخر في معارضة القيادة الحالية للأفالان، في الإجراءات القانونية المتبعة للإطاحة بسعداني، فيشير إلى أن ملفا قدم للعدالة قبل أسبوعين للطعن في شرعية المؤتمر، وسيصدر عن هذه الدعوى حكم قريبا دون الإشارة إلى موعده بالضبط. لكن عبادة من خلال نبرة حديثه لا يظهر عليه التفاؤل كثيرا، ويعترف عند سؤاله عن ذلك، بأن “المناضلين يشعرون بظلم وحيف كبير. ليس لنا خيار آخر سوى العدالة وعليها أن تتحمل مسؤوليتها لأن التاريخ يسجل”. هذا “الظلم” يرده عبد الكريم عبادة، إلى ما حدث في هذا المؤتمر من خروقات، إذ رأى المناضلون بأم أعينهم –حسبه- “كيف أن وزراء لا يملكون ربع ساعة نضال في الحزب ينصبون في اللجنة المركزية، بينما يترك المناضلون الحقيقيون على الهامش”. ثم يقول: “كان النضال هو من يوصل إلى المسؤولية وأصبح يحدث العكس، وكان الحزب هو من يحتوي الحكومة فصارت هي من يحتويه”. وما يزيد في غموض الواقع، وفق قراءة عبادة، أن الرئيس بوتفليقة ليس في الصورة عما يجري في الحزب. “الرجل مريض وقد تكون له اهتمامات أخرى، ولو وصلته الحقيقة لما رضي بما يجري. أما رسالته الأخيرة للمؤتمر فكنت قد ذكرت أني لا أصدق أنها صادرة عنه”.