بفرض حالة الطوارئ لمدة شهر اعلنت تونس التزامها الصارم بضرب "بيد من حديد" الارهاب الذي خلف اضرارا جسيمة في الارواح و اصبح يشكل تهديدا "حقيقيا" لاقتصادها في ظل تنامي الهجمات الارهابية التي انتقلت الى داحل المدن. فبعد ساعات من الاعتداء الارهابي المزدوج الذي ضرب منتجع سوسة الذي يعد "القلب النابض" للسياحة في تونس قررت السلطات و بعد مشاورات مع ممثلي الطبقة السياسة تطبيق جملة من الاجرءات الامنية المشددة, بينما دعا الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي إلى وضع إستراتيجية شاملة لمواجهة الجماعات الارهابية. حزمة من الاجراءات "الاستثنائية" ترافق قرار حالة الطوارئ و بالموازاة مع فرض حالة الطوارئ في كافة البلاد لمدة شهرا كاملا الى غاية 2 اغسطس القادم, دعا رئيس الحكومة الحبيب الصيد الاسبوع الماضي جيش الاحتياط عقب الاعتداء الارهابي على منتجع سوسة, الى تعزيز التواجد الامني في المناطق الحساسة معلنا عن جبال (سنامة) و(مغيلة) و (بيرينو) و (للعيشة) و (وزغة) و (توشة) مناطق عسكرية مغلقة, "بما يسهل عمليات التدخل و ملاحقة الارهابيين و تكثيف الحملات والمداهمة و تتبع الخلايا النائمة و العناصر المشبوهة بالتنسيق مع النياية العمومية وفقا للقانون" على حد قوله. كما اعلن الصيد عن مخطط "استثنائي" لتامين المناطق الساحلية و المواقع الاثرية, الى جانب نشر وحدات من الامن السياحي مسلحة على كامل الخط المائي والشريط الساحلي وداخل الفنادق وذلك بداية من الفاتح يوليو الجاري. و في اطار الاجراءات الوقائية من الهجمات الارهابية التي اصبحت تضرب المدن, أعلن ديوان الطيران المدني والمطارات, غلق الجسر المؤدي إلى منطقة الرحيل في مطار تونسقرطاج باستثناء الحافلات المقلة للسياح بعد تلقي معلومات استخباراتية تؤكد تواجد المطار الرئيسي للبلاد من بين "المواقع التي تستهدفها عمليات الارهابيين". وكان وزير الداخلية الحبيب الصيد قد أقر باعتقال مجموعة ارهابية بمدينة "جربة" كانت تستعد للقيام بعملية ارهابية كبرى رفض تقديم معلومات عنها لكنه قال "قد تكون مرتبطة بمطار "جربة جرجيس" الدولي. كما شملت الاجراءات اغلاق عشرات المساجد "الخارجة عن إطار القانون" على حد و صف الوزير التونسي لها. أغلبية الطبقة السياسة تدعم السبسي في قرارته "من أجل مصلحة البلاد" وفي اولى ردود فعل الطبقة السياسية التونسية عن قرار فرض حالة الطوارئ قال الامين العام لحزب (نداء تونس) انه يدعم قرار الرئيس و ان حزبه سيفي بكل الوعود التي قطعها خلال الانتخابات. و اكدت حركة "النهضة" تفهمها" لقرار اعلان الرئيس السبسي لحالة الطوارئ في "اجراء استثنائي لظروف استثنائية, و ذلك تبعا لتواصل التهديدات المحدقة" بالبلاد, داعية التونسيين الى "تقوية الوحدة الوطنية" و"اليقظة الدائمة ودعم المؤسستين العسكرية والامنية في هذه الحرب الاستثنائية". من جانبه قال الاتحاد "الوطني الحر على لسان رئيس كتله بمجلس النواب محسن حسن, ان قرار حالة الطوارئ "في محله" و "تم بالتشاور مع الحزب" موضحا ان البلاد "باتت مهددة في ظل التوتر على الاراضي الليبية الى جانب الوضع الداخلي ووجود تهديدات ارهابية حقيقية" و اكد ان "تواصل الامر على ماهو عليه غير ممكن". من جهتها قالت رئيس كتلة حزب "افاق تونس" بمجلس النواب ريم محجوب أن الباجي "نبه في الخطاب الذي القاه امس الى للخطر الحقيقي الذي تواجهه تونس", مؤكدة انها "تساند قرار اعلان حالة الطوارئ و كذلك الجهود التي تبذلها الجيش لحماية البلاد و الاشخاص", مشددة على "ضرورة اليقظة و الالتفاف حول المؤسستين العسكرية و الامنية في ظل التهديدات الارهابية القائمة". بدوره أكد مجلس نواب الشعب (البرلمان) التونسي أنه سيراقب فرض حالة الطوارئ لافتا الى أنها "لن تؤثر على الأسس الديمقراطية التي تقوم عليها البلاد". ونقلت وسائل إعلام اليوم الأحد عن المتحدث باسم مجلس نواب الشعب النائب خالد شوكت إنه "لا يمكن السماح والانتهاك في حقوق المواطنين وحرياتهم", مشيرا إلي أن البرلمان "لديه الحق في إيقاف حالة الطواريء أن تبين له أنها خرجت عن سياقها". لكن المتحدث باسم الحركة الشعبية حمة الهمامي كان له راي اخر بخصوص هذا الاجراء اذ اعتبر ان "الرئيس السبسي و حكومة الصيد يحاولان استغلال حالة الطوارئ لاجبار التنظيمات النقابية على الالتزام بهدنة اجتماعية و انهاء ما وصفه السبسي ب"حالة العصيات المدني" في مدن الجنوب. استنفار امني كبير و مخاوف الشارع التونسي تتزايد و غداة دخول حالة الطزوارئ حيز التنفيذ, انتشرت الوحدات الأمنية بكثافة بمحيط المنطقة الصناعية بولاية (قابس) بعد ورود تهديدات إرهابية تستهدف المجمع الصناعي بالمنطقة, حسبما اوردته مصادر إعلامية محلية نقلا عن مصادر أمنية. و في هذا الأثناء, قامت وحدات الأمن بفك اعتصام كان ينفذه منذ فترة عدد من الشباب المعطل عن العمل فوق السكة الحديدية بقابس لمنع قطار الفسفات من الوصول إلى المجمع الكيمياوي, ما أدى إلى توقف كامل لنشاط نقل هذه المادة الحيوية بالنسبة للاقتصاد التونسي. وفي سياق متصل افادت مصادر إعلامية بناءا على معلومات استخباراتية بوجود سيارات مفخخة في التراب التونسي بحوزة عناصر إرهابية لم يتم تحديد مكانها إلى حد الآن, و تنوي إستعمالها في أواخر شهر رمضان لضرب منشآت إقتصادية و سياحية. وتعمل حاليا كل الوحدات الأمنية والعسكرية على تمشيط البلاد والسيطرة على كل التحركات للعناصر المشبوهة, حسب ذان المصادر. كما تم احباط عملية ارهابية بجزيرة "جربة "جنوبتونس, بعد تلقي معلومات استخباراتية, حسبما افاد به موقع جريدة "الحصاد" الالكتروني, وايقاف الارهابيين قرب مطار "جربة جرجيس". و امام هذه الظروف الامنية العصيبة التي تعيشها البلاد من جهة, و تزايد تمدد ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) داخل الجارة ليبيا من جهة اخرى, تنتاب الشارع التونسي حالة القلق في ضوء تحذيرات بعض المسؤولين السياسيين والأمنيين من عمليات إرهبية جديدة. و هنا يرى بعض المختصين ان الحذر خلال شهر رمضان "واجب على الأجهزة الأمنية التونسية, لان المخاطر تتضاعف, وعناصر الأمن والجيش ليسوا في حالة اعتيادية وهم منهكون بسبب الصيام والعمل خصوصا آخر النهار وقبيل الإفطار, بالتالي فان الفرصة سانحة لاستهدافهم خصوصا في شهر العبادة, علاوة على ان التنظيمات الارهابية "تصعد من هجماتها للثأر لقادتها التي استهدفتها العمليات الامنية و العسكرية, ولرفع معنويات عناصرها الشابة التي غررها به".