بن بيتور يؤكد أن “انجازات الرئيس رواج دون محتوى” “الجزائر تعيش أسوأ تسيير في تاريخها المعاصر” قال المرشح المنسحب، من السباق الرئاسي ل17 أفريل الداخل، أحمد بن بيتور، “نحن في أسوأ تسيير في تاريخ الجزائر المستقلة”. وكان بن بيتور يتحدث عن التسيير خلال حكم بوتفليقة، دون أن يستهدفه مباشرة، حتى وإن طعن في ما يروج له مساندو الرئيس من انجازات طيلة 15 سنة كاملة، وقال إن “كل ما يشاع عن إنجازات هي رواج دون محتوى”. تحاشى رئيس الحكومة الأسبق المنسحب من السباق الرئاسي، لدى نزوله ضيفا على “ركن فطور الصباح” ل”الخبر”، تشخيص الأمور في حديثه عن عدة ملفات تتصل براهن الوضع السياسي في علاقته بموعد 17 أفريل الداخل، وقال “أنا أطالب بتغيير النظام ككل، ولا أدخل في مثل هذه الحكايات”، في جانب من أسئلة طرحت عليه فيما يتصل بتوافق في أعلى هرم السلطة، تواتر عنه قرار ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، أهمها دور المخابرات. وعاد بن بيتور سنوات إلى الوراء، متحدثا عن “انحراف بمسار معين كانت البلاد بمقتضاه ستنجو من حالة الانسداد الحالية”، وأفاد “حالة البلاد في عام 99 وحالتها في 2014 لم تتغير. ولما خرجنا من التسعينات، كان من المفروض أن تعمل السلطة على اتجاهين”، وفصل بالقول إن “الاتجاه الأول هو إعادة بناء المؤسسات” و”الاتجاه الثاني إدخال الطمأنينة في قلوب الجزائريين، وهذا مهم جدا”. لكن السفينة اتخذت مسارا لم يحبذه بن بيتور، الذي قال “للأسف مشينا في طريق معاكس، ولما طالب الرئيس اليامين زروال حينها بمرحلة انتقالية جديدة من أجل تجذير التداول على السلطة وإحداث قفزة نوعية في عمل المؤسسات، جاء الرئيس الحالي فكسّر المؤسسات وكسّر مبدأ التداول على السلطة”. ولا يرى بن بيتور أن الرئيس المرشح حقق نتائج نوعية طيلة تواجده بقصر المرادية، نقيض ما يروج له الموالون، وقال “إذا تحدثنا عن السلم، فالكل يرى حالة البلاد، وقد نكون خرجنا من عنف الإرهاب، لكننا دخلنا في عنف العصابات”. وأكثر من ذلك، قال بن بيتور، إن تراجع الإرهاب لا يعود فضله للرئيس الحالي من البداية، وشرح قائلا “قبل مجيء الرئيس، كان هناك اتفاق بين الجيش والمجموعات الإرهابية، وهو مشى في هذا الاتفاق”، وكذلك يرى أن “أحداث 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن، لعبت دورا في مكافحة الإرهاب”. وقدم ضيف “الخبر” مثالا بالطريق السيّار شرق غرب، وقال “رغم أنه لم يكتمل، إلا أننا بدأنا في ترميمه بتكاليف باهظة”. أما فيما يتعلق بالقضاء على المديونية، فلا ينظر بن بيتور إلى المسألة كما نظر إليها بوتفليقة ويستعملها موالوه في الترويج لانجازاته، فالمتحدث قال إن برنامج إعادة التصحيح الهيكلي، لسنة 1994، رتب فيه القضاء التدريجي على المديونية على أن يكون ذلك عام 2011، وباعتماد سعر 18 دولارا لبرميل النفط، لكن، بوتفليقة قرر تسديد 11 مليار دولار عام 2005 بصفة مسبقة، بينما كان احتياطي الصرف 128 مليار دولار، وكان يمكن استعمال المال الذي سدد كديون في تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بمنح مثلا 100 ألف دولار لكل مؤسسة باستحداث 11 ألف مؤسسة بتلك الأموال، وتساءل بن بيتور “ما الفرق إذن؟”. المترشح المنسحب من الرئاسيات يعرض فلسفته للتغيير ويتوقّع “العنف صار أكثر البدائل احتمالا لإسقاط النظام” يتصور أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة الأسبق، أن أكثر الطرق احتمالا لتغيير النظام الحالي، هو العنف والشارع، بعد أن أجهض النظام الحالي، حسبه، كل وسائل الانتقال الديمقراطي السلمية. ويحذر من أن الدولة الجزائرية تواجه “خطرا حقيقيا” يرهن مستقبلها بقوة، وهو ما يتطلب تعبئة سلمية لكل “الطاقات الخيّرة” لإنقاذها. ويرى بن بيتور في فلسفته لإحداث التغيير، أربع إمكانيات مستقاة من التجارب العالمية التي حدث فيها الانتقال الديمقراطي: التغيير المتفاوض عليه، التغيير الممنوح، التغيير بالقوة، الإبقاء على النظام الحالي من خلال الوضع الراهن “الستاتيكو”. وتتحقق فرصة حصول واحدة من الأربع، على ميزان القوى الذي يجمع بين النظام القائم في الطرف الأول، وبين المجتمع المدني أو قوى التغيير في الطرف الثاني.ويضرب بن بيتور، في ورقة خصّ بها ركن “فطور الصباح”، مثالا بالحالتين التونسية والمصرية لتبيان دور المجتمع المدني في قلب موازين القوى، مستخلصا فرضيتين للعمل الجماعي المبتكر، الأولى: أي تجمع للمواطنين في مكان استراتيجي من العاصمة، مع ثبات وعزيمة، يؤدي إلى ذهاب رئيس الدولة في ظرف أسابيع فقط، حتى دون أن يكون لهذا التجمع قيادة محددة. بيد أن ذلك في منظور بن بيتور يعد مشكلا، لأن غياب القيادة يعني عدم وجود برنامج موحد، ويؤدي في الأخير إلى صعوبة في تحقيق التغيير المرجو. أما الثانية، فهي أن فرضية هروب رجالات النظام عندما تتدهور الأوضاع لاستغلال أموالهم في الخارج، أصبحت غير ممكنة باستقراء التجربتين، وبات عليهم في حال انفجار الأوضاع الخضوع لهروب متفاوض عليه. وبخصوص ميزان القوى بين النظام القائم وقوى التغيير، فهو يتميز بمحاولة تفتيت الأول للثاني، من خلال القمع وشق الصفوف. ويعتقد المرشح المنسحب من الرئاسيات، أن هناك ثلاث طرق للانتقال الديمقراطي، الأولى هي “الانتقال الديمقراطي المتفاوض عليه”، على غرار ما حدث في إسبانيا سنة 1970 بعد سقوط نظام فرانكو، وهو يتطلب ميلان ميزان القوى لصالح قوى التغيير. ويشير بن بيتور إلى أن هذه الفرصة كان يمكن أن تتحقق في رئاسيات 2014، لكن تم تضييعها، على حد وصفه. أما الطريقة الثانية، وهي “الانتقال الممنوح من السلطة القائمة”، فإن احتمالها ضعيف جدا في الجزائر، وهي تقضي بأن يتم تعيين نائب للرئيس من أجل أن يقوم بتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة تحقق الانتقال الديمقراطي. وحسب بن بيتور، فإن الطريقة الثالثة هي “الانتقال بالقوة”، وفيها يتم إسقاط النظام الحالي في الشارع بالقوة، لأنه سيتعامل بالعنف مع المتظاهرين في الشارع، وهي الأقرب احتمالا في الحالة الجزائرية، وفق تصوره، بعد إجهاض النظام لكل الطرق الأخرى. وهذه الطريقة الخطيرة في التغيير تتطلب استعدادا من النخبة لملء الفراغ، لأن الانتقال الديمقراطي سيتم في اليوم الثاني من سقوط النظام. الجزائر: محمد سيدمو بن بيتور يدعو إلى “التجنّد لفرض التغيير” “الإصرار على البقاء في الحكم سيجرنا إلى عنف الشارع” يتوقّع رئيس الحكومة سابقا، أحمد بن بيتور، مجموعة من الفرضيات في تفسير مجرى الأحداث بالجزائر في المرحلة المقبلة. أخطرها، حسبه، اندلاع العنف في الشارع لاقتلاع النظام من جذوره. وعلى هذا الأساس، يدعو “قوى السلم” إلى التجنّد لفرض التغيير السلمي، يكون بتغيير كل النظام، وليس رحيل رموزه فقط. وقال بن بيتور، الذي سحب ترشحه من الانتخابات الرئاسية، لدى نزوله ضيفا على “فطور الصباح”، إن الجزائر “معرّضة لخطر كبير جدا في المستقبل، إذا استمر النظام في نهج الحفاظ على الوضع القائم”، وانتقد ما سماه “الإصرار على البقاء في الحكم مهما كانت التكاليف”، وذلك في رد على سؤال بخصوص ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة وهو مريض. وذكر بن بيتور أن التغيير الذي يدعو إليه، لا يريده نموذجا لما جرى في تونس عندما انطلقت شرارة الغضب ودفعت الرئيس زين العابدين بن علي إلى الهرب من بلاده. ويشرح ذلك كما يلي: “ما حدث في البلد المجاور، أن مجموعات من الغاضبين خرجوا إلى الشارع للتعبير عن تذمرهم من النظام القائم. وقد انطلقت هذه الحركة الغاضبة بدون برنامج سياسي، لذلك عاش التونسيون مشاكل كبيرة بعد رحيل النظام وصار بعضهم يقول “يا ليتنا بقينا تحت النظام القديم”، والسبب أن التغيير لم يتم بناء على حركة مهيكلة، ولهذا نتمنى أن نتفادى هذه التجربة، بمعنى أن التغيير عندنا، عندما يحين وقته، ينبغي أن نكون مهيئين له حتى يتم بطريقة سلسة”. ولاحظ رئيس الحكومة الأسبق أن مجموعات من الأشخاص، تخرج إلى الشارع يوميا للمطالبة بالتغيير على خلفية ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، وقال إنه “يمكن أن تصبح قوة في المستقبل”. وتتوفر في المجتمع تحت النظام الحالي، حسب بن بيتور، مجموعة من المواصفات السلبية، وهي “حالة مجتمع مريض بسبب غياب الحكم الراشد وغياب الأخلاق الجماعية، وهذا في حد ذاته مرض خطير”. وبخصوص ما أشيع عن صراع بين الرئاسة وجهاز المخابرات حول العهدة الرابعة، قال بن بيتور: “نظريا يوجد هذا الصراع، ولكن عمليا نلاحظ أن الطرفين متفقان على العهدة الرابعة، ولكني أفضّل عدم الخوض في هذا الموضوع، لأن القضية الأساسية هي تغيير النظام بكامله”. الجزائر: حميد يس استمرار السلطة في توزيع الريع لشراء الذمم وإسكات الشعب لم يعد ممكنا الدولة تميعت ودخلت في عبادة الأشخاص يرى بن بيتور أن استمرار السلطة في توزيع الريع لشراء الذمم وإسكات الشعب، لم يعد “ممكنا بسبب تراجع صادرات المحروقات وتقلص مداخيلها”، وقال إنه “يجب أن يبلغ سعر برميل النفط 190 دولار للبرميل في عام 2016، حتى تتمكن السلطة من مواصلة هذه السياسة”، وهو أمر “غير ممكن ومستبعد الحدوث”، حسب بن بيتور. رسم بن بيتور في تحليله للوضع العام للبلاد، صورة قاتمة، جعلته يرجح فرضية التحوّل ب«العنف” الأقرب للتحقيق، منها إلى التغيير عن طريق التحوّل المتفاوض عليه. ويقدم في هذا السياق حالة البلاد ضمن أربع زوايا، هي حالة المجتمع، ووضع الدولة وحالة الاقتصاد، وأخيرا الحالة الجيوستراتيجية. فبالنسبة لرئيس الحكومة الأسبق، حالة المجتمع يميزها اللجوء إلى العنف لحل المشاكل بسبب الفساد المعمم، وهي أمراض جاءت جراء غياب الحكم الراشد، مشيرا في هذا الصدد إلى عدم فصل المجتمع في عدة قضايا، منها الهوية والمسألة اللغوية والعروشية والفئوية وتهميش الذكاء والكفاءات، وعدم المساواة والظلم، وأيضا النزاع بين الأجيال، وهي كلها مؤثرات جعلت المجتمع في حالة عدم استقرار. أما بشأن حال الدولة، فيري بن بيتور أنها “ضعيفة ودخلت في التميع، على غرار عبادة الأشخاص، وغياب دولة القانون وغياب القوى الردعية للإدارة في حماية الأشخاص والممتلكات، وعدم قدرة الحكومة على تنظيم الاقتصاد وغياب المشروعية للمؤسسات الدستورية وضعف مكانة الفئة المتوسطة، باعتبارها عمودا فقريا للدولة”. موازاة مع ترهل الدولة، هناك، حسب بن بيتور، حالة الاقتصاد الذي هو ريعي، مبرزا في هذا الصدد خطورة ذلك بالقول “استعمال ثلثي الجباية البترولية في ميزانية التسيير، وليس التجهيز، وهو أمر لم يكن في السابق، حيث كانت ميزانية التسيير تمول من الجباية العادية”، وهو ما يعني في محصلته، أن الدولة لا تستثمر للمستقبل “هناك 300 ألف طالب جامعي يتخرج سنويا من الجامعة بحاجة إلى توفير منصب عمل”، وهو غير موجود، لغياب الاستثمارات المنتجة للثروة والنمو. أما بخصوص وضع البلاد مقارنة بالحالة الجيوستراتيجية المحيطة، فتحدث رئيس الحكومة الأسبق عما يسميه “القرية الشاملة” التي ولّدها العالم الافتراضي، الانترنت، والثورة الالكترونية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن “الشباب في مختلف المناطق يطالب بالكرامة الإنسانية”، في إشارة إلى التفاعلات المتولّدة عن ذلك وتأثيرها على أفراد المجتمع. يقابل ذلك وضع يحيط بالجزائر، في إشارة إلى دول الجوار، يحتاج إلى إستراتيجية تجانس بين الأمن والدفاع الوطني لمواجهته. هذه الهشاشة التي تعكسها، اليوم، الوضعية العامة في البلاد، وراء تخوف بن بيتور من احتمال تغلب التغيير بالفوضى، عن التغيير السلس أو ما يسميه “المتفاوض عليه”، بسبب غياب رؤية داخل النظام وغلقه منافذ “الانتقال الديمقراطي”، وهي الفرصة التي ضاعت مع رئاسيات 2014. الجزائر: ح.سليمان قال ضيف “الخبر” استدعاء أويحيى وبلخادم “عملية تجميلية” قال أحمد بن بيتور إن استدعاء كل من الأمين العام السابق للأرندي، أحمد أويحيى، والأمين العام السابق للأفالان عبد العزيز بلخادم، إلى رئاسة الجمهورية وتعيينهما في منصبين قرب الرئيس، “مجرد عملية تجميلية”، وتابع ردا على سؤال حول قراءته السياسية في ذلك “كم بقي بيننا وبين الرئاسيات؟.. سنرى بعد الرئاسيات ما سيحدث، واستدعاء هذين المسؤولين لا ينم عن عملية عميقة، وتساءل “كيف يؤتى بشخص إلى رئاسة الجمهورية مدة شهر فقط؟”. لجنة وطنية للتغيير أعلن بن بيتور عن تنصيب لجنة وطنية حول التغيير يوم 23 مارس الجاري من قبل تنسيقية الأحزاب والشخصيات، مشيرا إلى أنها ستخرج بمفهوم موحد للتنقل الديمقراطي وكيفية تجسيده والعهد الاجتماعي الذي سيكون كأساس لتغيير الدستور. هذا من جانب قوى المعارضة. أما من جانب السلطة، فيتوقّع كسيناريو بعد الرئاسيات، تعديل الدستور لتعيين نواب الرئيس. فرضيات تثير السخرية يسخر أحمد بن بيتور من الفرضيات التي تقدم على أن هناك يدا أجنبية تحرك الأحداث في غرداية، متسائلا “كيف يكون النظام الحالي موجودا بكامل سلطاته في غرداية ويغفل عن التصدي لأناس تعمل من الخارج؟”. ويبرز بن بيتور الذي تنحدر أصوله من ولاية غرداية، أسباب هذه الأحداث بوجود صحوة عالمية لدى الشباب الذي أصبح يطالب باحترام هوياته الثقافية. والحل، حسبه، يكمن في إنجاز دراسة سوسيولوجية وعمرانية تكشف أسباب هذا الشرخ، من أجل إيجاد الحلول العلمية له. يجب تجنب التصريحات المثيرة للنعرات لا يحبذ بن بيتور الدخول في نوايا عبد المالك سلال، حول ما إذا كان يقصد بالفعل إهانة الشاوية أم لا، لكنه يعتقد أن المشكلة تتجاوز ذلك إلى ضرورة تجنب السياسي وصاحب المنصب كل التصريحات التي تثير النعرات وتمس الكرامة، لأن الناس عادة ما يتعاملون مع ما يقال وليس مع النوايا.