أثارت تعليمة شفهية من مديرية الشؤون الدينية لولاية تيزي وزو للأئمة، تقضي بالتسليم في آخر الصلاة مرة واحدة بدل مرتين، نذير فتنة، ففي الوقت الذي عارض العديد من المصلين والأئمة تطبيق محتوى التعليمة، أبدت المديرية عن طريق مفتشيها صرامة وصلت حد تقديم إمام يعمل بأحد مساجد دائرة معاتقة أمام مجلس التأديب بتهمة رفض تطبيق محتوى التعليمة. قدمت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية تيزي وزو، قبل شهر رمضان الماضي، تعليمة شفهية للأئمة بوقف العمل بتسليمتين اثنتين في آخر الصلاة والاكتفاء بتسليمة واحدة على الجهة اليمنى. واستند إطارات المديرية في تعليمتهم على المرجعية المالكية، مهددين كل إمام يتقاعس عن تطبيق التعليمة بعقوبات تأديبية، وهو ما لم تتأخر المديرية في تنفيذه، قبل أيام، في حق إمام تردد في تنفيذ محتوى التعليمة، حيث مثل أمام مجلس التأديب وسلطت عليه عقوبات، وهو ما كاد يتسبب في فتنة، حينما أقدم سكان القرية التي يعمل بها الإمام على الاحتجاج ومحاولة غلق مقر مديرية الشؤون الدينية والأوقاف. وقد وجد الأئمة عراقيل ومعارضة في تطبيق محتوى التعليمة المذكورة، وتكاد الأمور تنفلت في الكثير من الحالات، خصوصا وأن المعارضة جاءت من فئات من المصلين، منهم من اعتاد منذ عشرات السنين على ختم الصلاة بتسليمتين اثنتين، وهو ما دفع في بعض الحالات إلى أن يجد الأئمة أنفسهم بين مطرقة الإدارة التي تهددهم بعقوبات إدارية في حال عدم تطبيق تعليمتها، وسندان المصلين الذين يرفض العديد منهم ما “ابتدعه الإمام” بين عشية وضحاها. وحسب عدد من الأئمة الذين تحدثت إليهم “الخبر” في الموضوع، فإن محتوى التعليمة المذكورة يتطابق فعلا مع المذهب المالكي ومع السنّة النبوية، حيث تأكد أن الرسول محمدا، صلى الله عليه وسلم، كان يكتفي بتسليمة واحدة، إلا أنهم تساءلوا عن سر تقاعس الإدارة عن هذا الأمر الذي “ظهر مع الظهور الأول للتيار السلفي بالجزائر”. وفي تصريح ل«الخبر”، ذكرت مجموعة من الأئمة أن مفتش الشؤون الدينية هو الذي كان وراء التعليمة الشفهية “التي لم تتبعها أي تعليمة كتابية”، وذلك خلال ندوتين تكوينيتين أصر فيهما المفتش على معاقبة كل إمام لا ينفذ تعليمته. وأضاف محدثونا أن الأمور كادت تنفلت خلال شهر رمضان المنصرم، حين تم إطلاق عريضة ضد التعليمة، إلا أن تدخل بعض الأئمة حال دون ذلك “تفاديا لفتنة في شهر الصيام”، مضيفين أن مدير الشؤون الدينية والأوقاف لم يكن موقفه واضحا من التعليمة حتى “عندما قام مواطنو إحدى قرى دائرة معاتقة بغلق مديرية الشؤون الدينية احتجاجا على مثول إمامهم أمام مجلس التأديب بسبب تردده في تطبيق التعليمة”. ويتساءل العديد من أئمة الولاية عن سر عدم إرسال تعليمة كتابية رسمية مثلما يتم العمل به في الكثير من الحالات، علما أن العديد من الأئمة بالولاية، خصوصا منهم الذين يعملون في المساجد الكبرى، قد شرعوا في تنفيذ التعليمة قبل أسابيع تحت طائلة التعرض للعقوبة مثلما حدث لأحد زملائهم. في سياق متصل، حذر منشور مجهول المصدر أرسلت نسخة منه ل«الخبر”، من “فتنة وثوران شعبي بسبب هذه التعليمة”. واستغرب محررو المنشور من “التهديدات والضغوطات التي تمارسها مديرية الشؤون الدينية على الأئمة عن طريق المفتشين والمنسقين التابعين لها”. وحذر المنشور من مغبة المساس بنعمة الأمن السائدة في البلاد ومن “فتنة وخيمة”، و«أن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها”. وعلمت “الخبر” أن مصالح الأمن تتابع القضية بكل اهتمام وتراقب ما يحدث في المساجد بخصوص هذه التعليمة الجديدة، ووصل الحد إلى الاستماع لبعض الأئمة حول الموضوع، فيما فسر المتتبعون الأمر بأنه يدخل ضمن محاربة الفكر السلفي في المساجد، التي يولي لها الوزير محمد عيسى أهمية كبيرة منذ تعيينه وزيرا قبل أكثر من سنة. مديرية الشؤون الدينية تمتنع عن أي تصريح وفيما يتواجد مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية تيزي وزو في عطلة، اتصلنا بالمدير بالنيابة لاستفساره حول الموضوع، ورغم عدم نفيه لوجود هذه التعليمة، إلا أنه طلب منا أن نعاود الاتصال به “بعد قليل”، ولما عاودنا الاتصال به ثانية لم يجهد نفسه عناء الحديث معنا هاتفيا، بل اكتفى بتكليف كاتبته لترد علينا بأنه لا بد من انتظار دخول مدير الشؤون الدينية من العطلة للحصول على أي تصريح. الوزارة تتهرب من التصريح عن الموضوع من جانبها، اتصلت “الخبر” بالأمين العام لوزارة الشؤون الدينية، أبو بكر خالدي، من أجل الاستفسار عن هذا الموضوع الذي أثار جدلا كبيرا في أوساط الأئمة والمواطنين على حد سواء بالولاية، إلا أن هذا الأخير نفى هذا الأمر، قبل أن يطلب منا إعادة الاتصال به لحين التحقيق في الموضوع، وهو ما تم حيث عاودنا الاتصال به عدة مرات، إلا إننا لم نتمكن، ليتم إخبارنا بعدها مساء أمس أنه في اجتماع مع الوزير.