عادت ظاهرة عرض مختلف الأدوات المستعملة في ذبح الأضاحي إلى الظهور مجددا على الأرصفة والأسواق الشعبية عشية عيد الأضحى المبارك، إلا أن جديد هذه السنة، تصدّر بعض الآلات الحادة عادة ما يقتنيها المجرمون لتنفيذ مخططاتهم قائمة المواد المعروضة، كالخناجر المعروفة ب ”بي14” و”الكلانداري”. يعرض باعة السكاكين بأسواق العاصمة، هذه الأيام، خناجر محظورة من علامة ”3 نجوم” وأدوات ذبح مستوردة من البرازيل ومن جنوب إفريقيا، شبيهة بالسيوف التي عادة ما تكون أسلحة في يد العصابات أثناء شجاراتهم أو التنظيمات الإرهابية، حيث أطلق عليها الزبائن اسم ”داعش”، وهو ما أثار مخاوف من إمكانية توظيفها في المعارك التي تنشب من حين لآخر. من البرازيلوجنوب إفريقيا ففي سوق باب الوادي الشعبي بالعاصمة، اقتربنا من باعة هذه الأدوات واستفسرنا عن طبيعة زبائنهم من حيث الفئة العمرية، فأجاب بائع شاب لا يتجاوز عمره العشرين ”لا يهمني نحن نسترزق ومن أراد استعمال الخناجر في ارتكاب الجرائم يتحمل مسؤوليته”، ليضيف أن هذه الأنواع من السكاكين الجديدة مستوردة وتدخل عبر الموانئ بشكل قانوني، ومن ثم تسويقها بالجزائر على مرآى من المسؤولين والقائمين بالمراقبة. وأضاف بائع آخر بالمكان ذاته ”هناك نوع جديد من السكاكين يستعمل كساطور وخنجر في الوقت ذاته، ويسمى ”داعش” نسبة إلى التنظيم الإرهابي، وهو منتشر عند كل الطاولات التي تعرض هذه المواد، ويصل سعره إلى 1500 دينار جزائري. ويتحاشى الكثير من الباعة الكلام عن تحويل هذه الأدوات إلى أسلحة بيضاء كخنجر ”3 نجوم”، وهو مالاحظناه في باش جراح بالعاصمة، حيث يعتبر الكثير من الشباب هذه التجارة موسمية يسترزقون منها أيام عيد الأضحى فقط. حملة في سيدي بلعباس وبسيدي بلعباس، باشرت مصالح الأمن، أمس، حملة حجز واسعة مع اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الأسلحة البيضاء الخطيرة. وتبقى الخناجر المعروفة بتسمية ”بي 14” من بين أهم الأدوات المعروضة على طاولات مختلف الأرصفة، خاصة تلك المتناثرة عبر الأحياء الشعبية، مع أن غالبية الجرائم التي شهدتها ولاية سيدي بلعباس منذ بداية سنة 2015 تمت الاستعانة بها, كما تضمنت بعض طاولات الباعة عددا من السكاكين بحجم سيوف ومن نوعية ”كران داري” مما ترك الانطباع برغبة عدد من الباعة في استغلال الظرف الزمني لأجل ترويج ما طاب لهم من أسلحة بيضاء. يقول سليم 25 سنة، وهو أحد الباعة بحي ”الڤرابة” الشعبي ”لا أعرض إلا ما يستحقه المواطن يوم النحر، لكنني على علم بما يعرض من خناجر وسيوف، وهي الأدوات التي عادة ما يتم اقتناؤها من السوق السوداء وتحديدا من ولاية وهران قبيل عرضها على الباعة, مع أن الأشخاص الذين يقتنون هذا النوع من السلع من ”نوع خاص”. إقبال كبير نفس الأجواء تعرفها أسواق قسنطينة، أين تباع أنواع مختلفة من معدات الذبح، منها ما تصنّف بالأسلحة البيضاء، والتي يعتبرها القانون محظورة، ويعتبر الباعة وبعض التجار ذلك أمرا عاديا، كون هذا النوع من التجارة ينتعش بصورة كبيرة مع عيد الأضحى ويكون الإقبال عليه بصورة كبيرة، حتى وإن تم رفع سعر هذه المعدات مقارنة مع الأيام الماضية. ويقدّم الباعة أنواعا مختلفة من السكاكين من الحجم الصغير إلى الكبير وصولا إلى ”الشاقور” وحتى المسنّنة التي ترعب الناظر إليها، وتكون هذه الأخيرة أمام مرآى من الجميع وحتى الأطفال طيلة يوم كامل، ويبيعها مراهقون رفقة ذويهم، حيث كشف بعض الباعة أنهم متعوّدون على هذا النوع من التجارة التي وصفوها بالمربحة، حيث يقومون بشراء كميات من هذه السلعة من بعض تجار التجزئة بسعر معين ويقومون ببيعها من جديد. وبولاية سطيف، يمكن لأي شخص سواء كان صغيرا أو كبيرا اقتناء سكين أو ساطور بثمن معقول أمام مرآى من مصالح الأمن التي تنتشر بالقرب من هذه الطاولات بحي يحياوي والسوق المغطاة بوسط المدينة وحي 1014 مسكن، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول تلك الكميات الكبيرة المعروضة في الشوارع، وهل تذهب كلها لذبح الأضاحي. والغريب في الأمر، أن أطفالا يمكنهم اقتناء الأسلحة البيضاء دون أن يسألهم البائع عن وجهتها، حيث شوهد طفل في 14 من العمر وهو يحمل سكينا يريد أن يشحذه عند أحد البائعين، وفي طريقه كان يلوّح بالخنجر نحو رفيقه في شكل دعابة، غير أن الواقع يؤكد أن الطفل قد اعتاد فعلا على حمل هذا السلاح الخطير. تجارة مربحة كما تحوّل بيع السكاكين من مختلف الأحجام وكذا السواطير بولاية تيبازة، إلى تجارة مربحة ”خارج الرقابة” على حواف الطرقات وفي أماكن تعج بالمواطنين، حيث شهد السوق الأسبوعي بحجوط، أمس، انتشارا ملفتا لهذا النوع من التجارة لدى باعة النشاط التجاري الموازي على الأرصفة المحاذية لسوق 18 فيفري، العارضين لسكاكين من أحجام 6و8و12سم والسكاكين المطوية ”كلانداري” و«أوبينال” التي تراوحت أسعارها بين 200 إلى 400 دينارا، وسكاكين من الحجم الكبير المعروفة ب«بوشية” ب700 دينار، علاوة على السواطير وسط تزاحم للمواطنين المقبلين على هذا النوع من المعدات بمناسبة عيد الأضحى. الظاهرة نفسها شهدها سوق الماشية بالمخرج الشرقي للمدينة بطريق سوناطراك، حيث انتشرت طاولات عشوائية بمحيط السوق عارضة مختلف أنواع السكاكين والشفرات والسواطير لتفتح بذلك الباب أمام الجميع لاقتناء هذه الأسلحة البيضاء التي تدخل في خانة المحظورات، وهي فرص للمنحرفين ”للتسلح” بها بحجة عيد الأضحى. رئيس فرقة حماية المستهلك ل”الخبر” ”الخناجر أدوات منزلية وليست أسلحة بيضاء” أكد رئيس فرقة حماية المستهلك وقمع الغش بمديرية التجارة بالعاصمة، لعياشي دهار، أن الخناجر و لشواقير التي تباع في المحلات التجارية، لا تحمل صفة أسلحة بيضاء، بل تعتبر أدوات تندرج ضمن لائحة الأدوات المنزلية، بشرط أن تستعمل بطريقة عقلانية في إطار ما يمليه القانون. وقال لعياشي دهار في اتصال مع ”الخبر”، أمس، أن الخناجر والشواقير ومختلف الأدوات الحادة المنزلية وسائل ينتفع بها الناس وتباع داخل محلات تجارية بصفة عادية سواء بفاتورة صناعة محلية أو مستوردة من الخارج، كما تحوز على المراقبة والترخيص كأي سلعة أخرى في السوق. وفي السياق، نبّه لعياشي، إلى أن استعمال هذا النوع من الأسلحة البيضاء لأغراض غير مشروعة، يصبح مندرجا في إطار الجريمة، ومن شأن مصالح الأمن والدرك وأجهزة القضاء اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.