إنّ الإحنة الّتي يكنّها أهل الكتاب للجماعة المسلمة هي الإحنة المتعلّقة بالعقيدة. إنّهم يكرهون لهذه الأمّة أن تهتدي، يكرهون لها أن تفيء إلى أمر الله، إلى عقيدتها خاصة في قوّة وثقة ويقين، ومن ثمّ يرصدون جهودهم كلّها لإضلالها عن هذا المنهج والإلواء بها عن هذا الطّريق. قال الله تعالى: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} آل عمران:69. فهو ودّ النّفس ورغبة القلب والشّهوة الّتي تهفوا إليها الأهواء من وراء كلّ كيد. وهذه الرّغبة القائمة على الهوى والحقد والشر، ضلال لا شكّ فيه، فما تنبعث مثل هذه الرّغبة الشرّيرة الآثمة عن خير ولا عن هدى، فهم يوقعون أنفسهم في الضّلالة في اللّحظة الّتي يودون فيها إضلال المسلمين. والمسلمون والحمد لله مكفيون أمر أعدائهم هؤلاء ما استقاموا على إسلامهم ومالهم عليهم من سبيل. والله سبحانه يتعهّد لهم ألاّ يصيبهم كيد الكائدين وأن يرتد عليهم كيدهم ما بقي المسلمين مسلمين. وانظر كيف يخاطبهم القرآن الكريم ويكشف لنا حقيقة موقفهم المريب المعيب: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ؟ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} آل عمران:70.