خلف جرّ الجنرال المتقاعد عبد القادر آيت وعرابي، المعروف ب”حسان”، مسؤول مكافحة الإرهاب بجهاز “الدياراس” سابقا، أمام القضاء العسكري، موجة من ردود الفعل الصادرة عن سياسيين ومسؤولين مدنيين وعسكريين سابقا، على غرار وزير الدفاع السابق، اللواء خالد نزار، والأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون. أثارت ردود الفعل بخصوص إدانة الجنرال حسان بالسجن النافذ مدة 5 سنوات، جدلا قانونيا وسياسيا يطرح بقوة مدى قابلية قانون القضاء العسكري للإصلاح. فقد عرفت القضية، بعد النطق بالحكم، تدخل الجنرال خالد نزار منتقدا بشدة حكم القضاء العسكري ووصفه بأنه “إجرامي”. وذكر نزار أن التهم الموجهة إلى حسان ما كان ينبغي أن تأخذ طابعا جزائيا، بحجة أن مخالفة تعليمات المسؤولين في الجيش، لها جانب تأديبي يعالج داخل المؤسسة العسكرية. ويحمل هذا الموقف تلميحا إلى أن المتهم محل صراع أجنحة وتصفية حساب، على أيدي نافذين في الجيش. كلام نزار يعطي للقضية أبعادا تبتعد بها عن مجال القانون، فهو غير مسبوق في مثل هذه القضايا التي يتكفل بها القضاء العسكري، الذي يضبطه قانون يعود إلى عهد وزير الدفاع ورئيس الجمهورية هواري بومدين.
وذهب وزير الدفاع الأسبق بعيدا في تعليقه على قرار محكمة وهران العسكرية، عندما أقحم مدير دائرة الاستعلام والأمن المقال، محمد مدين، المدعو توفيق، في القضية، حيث كشف في هذا الإطار عن رسالة منه إلى الرئيس بوتفليقة، يؤكد فيها أنه يتحمل كامل المسؤولية عن الوقائع التي تنسبها النيابة العسكرية للجنرال حسان. وفجر المحامي مقران آيت العربي قنبلة من العيار الثقيل، عندما أشار إلى أن القضاء العسكري استعان بمهرب كبير وضابط أحاله الجنرال حسان على التقاعد، كشاهدين ضده، فضلا عن رفض الاستعانة بشهادة الجنرال توفيق، المسؤول المباشر عن حسان سابقا. ولم يتوقف الأمر على آيت العربي فحسب، بل خرج زميلاه في فريق الدفاع، خالد بورايو وأحمد توفالي الطيب، على الرأي العام برسالة تضمنت إشادة بخصال الرجل، مؤكدين في هذا الشأن على أنه “جنرال بطل أفنى عمره في خدمة الجزائر، وتخليصها من الإرهاب”. وزاد المحاميان، بورايو وتوفالي الطيب: “الجنرال حسان ما هو إلا ضحية ثانوية في حرب عصب، التي تتجاوز مستويات عالية في الفضاء السياسي”. وتساءلا: “ما هي الرسالة التي ستعطى لكل الذين حاربوا بكل شراسة الإرهاب، الذي ضاعف من ضرباته في السنوات الأخيرة، سواء داخل أو خارج البلاد؟”. ردود الفعل لم تتوقف عند العسكريين ورجال القانون. لقد انتقلت إلى السياسيين وعلى رأسهم زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، التي صرخت منادية على “الشهيدات والشهداء من أجل أن يستيقظوا لإنقاذ الجزائر من الاغتيال والاغتصاب!”، مشيرة بالقول: “نحن أمام جريمة ضد الوطنية والكفاءة والتفاني في العمل والوفاء، ما يحدث لا يستهدف حسان لوحده بل جيلا بأكمله من الضباط الذين وقفوا في وجه من أرادوا تحطيم الجزائر”.
وبخصوص الحكم الذي نطق به القاضي العسكري، فأكدت “إنه حكم يلطخ شرف الجزائر، والسلطة الموازية هي التي تقف وراء محاكمة حسان، بطل مكافحة الإرهاب، الرجل الوطني، خادم الوطن الذي ساهم في إنقاذ الدولة من الانهيار”. وفي نفس الاتجاه، جاءت “مرافعة” رئيس الحكومة وزير العدل السابق، المحامي علي بن فليس (رئيس حزب طلائع الحريات)، حيث سدد سهما ناحية الغموض الذي بات يكتنف القضية، مستعملا عبارات ضربت مصداقيتها في الصميم، على غرار “نوايا خفية” و”توظيفات للقضية”.