شاء القدر أن يستشهد “مانديلا العرب”، سمير القنطار، في الشهر نفسه الذي نزل فيه ضيفا على “الخبر” في ديسمبر 2010. وفي صفحة كاملة من الصحيفة، تحدّث فيها فقيد العرب عن المقاومتين الفلسطينية واللبنانية تحديدا، وعن علاقته “الحميمة” بأمين عام حزب الله حسن نصر الله. كما لم يفوت فرصة تواجده على أرض الشهداء الجزائر، لينقل عبر “الخبر” حبه لهذا البلد الذي كان يعتبره “الأب الروحي للمقاومة العربية والإسلامية''. محاط بأربعة صحفيين من صحيفة “الخبر”، منذ خمس سنوات إلى الوراء تحديدا، أكد عميد الأسرى العرب، وقتها، سمير القنطار، أنّه يحمل صورة مشرقة عن الجزائر، قبل أسره وخلال فترة السجن وبعد تحريره. وقال القنطار حرفيا: ‘'الجزائر هي الأب الروحي لمشروع المقاومة العربية والإسلامية في العصر الحديث، والشعب الجزائري جزء من تاريخ المقاومة المشرّفة''، مشيرا إلى أن روح الثورة الجزائرية الممتدة من الأمير عبد القادر، حتى ثورة أول نوفمبر، شكّلت تجربة فريدة ونقلة نوعية في مشاريع مقاومة الاحتلال، ما جعلها ‘'منبع استلهام واحترام المقاومين''. كان مولعا بكتابات الطاهر وطار وأشار القنطار إلى أن الثورة الجزائرية ‘'دحرت الاحتلال الفرنسي الكولونيالي الذي ظل في الجزائر منذ 1830، وتمكنت من طرده في ظرف سبع سنوات بين 1954 إلى 1962، إذ هي ثورة عملاقة تفرض على الجميع احترامها''. والدليل على ذلك، أن مجاهدا جاء ليلتقط صورة تذكارية معه لمّا علم بوجود مقاوم لبنانيبالجزائر، يقول القنطار. وتعرّف القنطار، حسب شهادته الموثقة لدى “الخبر”، على الثورة الجزائرية من خلال الكتب، وذكر في هذا السياق الكتاب الذي يتضمن حوارا مطولا مع الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، الذي ألفه الكاتب لطفي الخوري. كما أبدى القنطار إعجابه الشديد بكتابات الأديب الجزائري الراحل الطاهر وطار، وقال إنه قرأ أغلب الروايات التي ألّفها هذا الأخير، ذكر من بينها ‘'عرس بغل ‘ و''العشق والموت في الزمن الحراشي'' و''اللاز''، ورواية ‘'الزلزال” و''الحوات والقصر''، كما أكد أنه قرأ بانبهار كبير قصة ‘'الشهداء يعودون هذا الأسبوع'' للطاهر وطار. وأفاد القنطار أن عددا من المقاومين الجزائريين كانوا منخرطين معه في تنظيم حركة التحرير الفلسطينية نفسه في بيروت، وبعضهم نفّذ معه عمليات فدائية، مشيرا إلى أنه لم يعد يذكر أسماءهم بفعل السنوات ال30 التي قضاها في الأسر التي ضمنها كتابه الذي صدر في بيروت تحت عنوان ‘'قصتي''، وأعلن اتفاقه المبدئي مع ‘'الخبر'' (لدى نزوله ضيفا لديها في ديسمبر 2010) لتنظيم حفل بيع بالتوقيع في الجزائر قريبا. الحرب قادمة لا محالة مع إسرائيل وكان الراحل سمير القنطار عند حديثه آنذلك مع صحفيي “الخبر”، شديد الاقتناع بأن الحرب قادمة مع إسرائيل، وستحصل في يوم ما، مبرزا بأن إسرائيل تسعى إليها من أجل رد الاعتبار لأسطورتها، بأنها القوة التي لا تقهر، غير أنه شدّد على أن هذه الحرب ستحسمها المقاومة لصالحها، لأن حزب الله، حسبه، وقتها طبعا، أصبح أقوى مما كان عليه في الحرب التي خاضها في 2006 تسليحا وبشريا. وقال الأسير المُحرر في رده على سؤال بخصوص توقعاته حول حرب تهدد بها إسرائيل ضد المقاومة: ‘'إن الحرب مع العدو الصهيوني حتمية، وإنها قادمة، لأن العدو لم يتحمّل هزيمته في حرب جويلية 2006 أمام المقاومة، كما لم يتحمّل طرد المقاومة له من الجنوب اللبناني، لأنه يعتمد في عقيدته على قوة الردع ولا يسلم بالانهزام''، مبرزا في السياق بأن قاعدة قوة الردع ووطن الرفاه قد تخلخل بعد حرب 2006، إذا أين مقولة الوطن مادام أن العدو الصهيوني لم يستطع أن يهزم قوة صغيرة''؟ مضيفا: ‘'المقاومة خاضت الحرب ب4000 مقاتل، مقابل 30 ألف جندي صهيوني واستخدموا كل طاقاتهم العسكرية وضربوا ب170 ألف قذيفة، في حين استخدموا 70 ألف قذيفة فقط في حرب 1973، وهذا في بقعة جغرافية أصغر، ورغم ذلك هزم''. ‘'قصتي مع نصر الله طويلة وحميمية'' وعن علاقته بحسن نصر الله، كشف وقتها القنطار أنه “ينتمي الآن (ديسمبر 2010) إلى الجسم الجهادي لحزب الله، المتمثل في المقاومة الإسلامية في لبنان، حيث يمضي معظم وقته في المقاومة وتجهيزها، وأضاف أنه لحظة إطلاق سراحه حاول الإسرائيليون إجباره على ارتداء لباس مهين، لكنه رفض وهدد بإلغاء التبادل، وظلت المفاوضات بهذا الشأن لمدة ثلاث ساعات قبل أن يخضع الإسرائيليون لشروطه. وكشف القنطار أن علاقته بحسن نصر الله تمتد إلى 10 سنوات سابقة (احتسابا إلى الوراء بدء من 2010)، وبدأت بطريقة سرية منذ عام 1998، مشيرا إلى أنه سمع بإعلان نصر الله أن ‘'حزب الله لن يترك أي أسير في المعتقلات''، وتأكد أن يوم الحرية صار قريبا، مشيرا إلى أن نصر الله عرض نفسه للخطر في لحظة إطلاق سراحه، وهو رجل لا تمل منه ولو جلست إليه 30 ساعة أو 30 عاما. الشعب الفلسطيني يستحق قيادة أفضل من فتح وحماس وكان القنطار ينظر إلى الشعب الفلسطيني بأنه “يستحق قيادة أفضل من فتح وحماس، لأن بقاء الحال على حاله سيبقي الفلسطينيين يعانون إلى ما نهاية''، وأوضح القنطار بأن الشعب الفلسطيني: ‘'وجد نفسه بين حركة فتح التي هرولت نحو المفاوضات، وحركة حماس التي تبحث عن السلطة قبل الوصول إلى التحرير، في وقت أن السلطة تكون بعد التحرير''.