أعلن حزب الله، الأحد، استشهاد المقاوم اللبناني سمير القنطار، في غارة شنتها الطائرات الاسرائيلية على مبنى سكني في مدينة جرمانا السورية ليل أمس. وجاء في البيان أنه «عند الساعة العاشرة والربع من مساء يوم السبت، الواقع فيه 19/12/ 2015، أغارت طائرات العدو الصهيوني على مبنى سكني في مدينة جرمانا في ريف دمشق، ما أدى إلى استشهاد عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية الأسير المحرّر الأخ المقاوم والمجاهد سمير القنطار وعدد من المواطنين السوريين». ويتقبل حزب الله، وآل الشهيد سمير القنطار وجمهور المقاومة، التعازي والتبريكات بإستشهاده بين الساعة 10 صباحا وحتى 12 ظهر اليوم، وبين الساعة 1.30 ظهرا الى 4.30 عصراً، في مجمع المجتبى (ع) - السان تيريز. نزل هذا الخبر ثقيلاً على جمهور المقاومة، ومحبّي القنطار، الذي كان قد أعلن يوم تحريره من السجون الاسرائيلية في 16 تموز 2008، أنه لم يغادر فلسطين إلا ليعود إليها. وها هو يرحل اليوم على يد العدو الذي أمضى عمره يقاومه. انتشر اسمه بين شهداء الغارة الاسرائيلية التي استهدفت المقاومين في القنيطرة محطات كثيرة في حياة القنطار، ميّزت مسيرته المقاومة. منذ انضمامه إلى المقاومة الشعبية المسلّحة في العام 1978، كتب سمير القنطار (مواليد 1962) تحت صورته عبارة «الشهيد سمير القنطار». وفي السابعة عشرة من عمره، قصد فلسطين وقاد عملية «جمال عبد الناصر»، بهدف أسر جنود اسرائيليين ومبادلتهم. وقد أدّت إلى مقتل وجرح 12 عسكرياً ومستوطناً اسرائيلياً، وذلك بعد ثلاث ساعات من الاشتباكات المستمرة من ليل 22 نيسان/ ابريل 1979 التي أصابته بخمس رصاصات، وانتهت باعتقاله. وقد حكمت عليه المحكمة الاسرائيلية بتاريخ 28 كانون الثاني/ يناير 1980، بخمس مؤبدات أضيفت إليها 47 عاماً أي ما يعادل 542 عاماً. وخلال ثلاثين سنة من السجن، بقيت اسرائيل خلالها ترفض الإفراج عنه، كان اسمه يتردّد مقاوماً في كلّ السجون التي تنقّل بها إلى أن استقر في السنوات الأربعة الأخيرة في سجن هداريم. في 12 تموز/ يونيو 2006، نفّذت «المقاومة الإسلامية» عملية أسر لجنود اسرائيليين في منطقة رميش، بهدف إجراء عملية تبادل. وقد شنّت على إثرها اسرائيل حرباً استمرّت 33 يوماً، لم تستطع أن تحقق فيها شيئاً من أهدافها، لتوافق الحكومة الاسرائيلية بعد عامين على عملية تبادل تطلق فيها سمير القنطار، وخمسة من المقاومين، بالإضافة إلى جثامين مقاومين عرب ولبنانيين. هكذا، أقفل سمير في 16 تموز/ يونيو 2008 الباب على زنزانته في القسم رقم 3 من سجن هداريم، بعدما أمضى يومه ال 10678 والأخير في زنازين الموت الاسرائيلية. وكانت المحطة الأولى التي طلب سمير زيارتها ضريح الشهيد عماد مغنية الذي كان بالنسبة إليه «اسماً أقرأ عن قصصه في الكتب الاسرائيلية وأسمعها في التلفزيونات. لم تفارقني فكرة أنه شخص خفي، يعمل بصمت بعيداً عن إغراءات الشهرة والصورة التي يتهافت عليها منهم دونه فعلاً وقدرة. قلت هذا نموذج خاص، نادر من المقاومين». بعد الإفراج عنه، بقي القنطار تحت الضوء. التهديدات الاسرائيلية تلاحقه من جهة، وهو يأخذها على محمل الجد «وإن كنت لم أخف منهم عندما كنت بينهم فلن أخاف منهم الآن، لكن هذا لا يمنع اتخاذ بعض الترتيبات لأنهم لا يتورعون عن شيء». في المقابل، كانت تتسرّب أخبار عن عودته إلى التدرّب والعمل المقاوم. وقد انتشر اسمه بين شهداء الغارة الاسرائيلية التي استهدفت موكباً للمقاومة الإسلامية في 18 كانون الثاني/ يناير 2015، في منطقة القنيطرة السورية. ردود الفعل وفي أولى ردود الفعل على استشهاد القنطار، رحّب وزير البناء والإسكان الاسرائيلي يؤاف جلانت باستشهاد القنطار، قائلاً لراديو إسرائيل «من الأمور الطيبة أن أشخاصاً مثل سمير القنطار لن يكونوا جزءا من عالمنا». ورداً على سؤال عما إذا كانت اسرائيل قد شنّت الهجوم، قال جلانت «لا أؤكد أو أنفي أي شيء له صلة بهذا الموضوع». بدورها أعربت وزيرة العدل الاسرائيلية أيليت شيكد عن سعادتها، وقالت شيكد للاذاعة الاسرائيلية أن سمير القنطار «إرهابي كبير قتل طفلة بتحطيم جمجمتها (..) ومقتله نبأ سار». علماً أن هذه هي الرواية الاسرائيلية لتفاصيل عملية «جمال عبد الناصر»، إذ أكدّ القنطار أكثر من مرة أن الطفلة قتلت برصاص اسرائيلي. وأضافت شيكد ان «اسرائيل لم تعلن مسؤوليتها» عن الغارة التي استهدفت مبنى سكنيا في جرمانا قرب دمشق. ورأى الجنرال المتقاعد ياكوف اميدرور ان «اسرائيل بعدم اعلان مسؤوليتها تقلل من احتمال القيام بعمليات انتقامية ضدها». ولكنه اضاف «إذا قام احد بقتله فهذا نبأ سار لاسرائيل لان سمير القنطار كان يقوم بدور محوري في جهود حزب الله لتنفيذ عمليات جديدة من هضبة الجولان». رحّب وزير البناء والإسكان الاسرائيلي يؤاف جلانت باستشهاد القنطار وقال محرّر الشؤون العربية في إذاعة الجيش الاسرائيلي جاكي حوجي، أنه «إذا قتلت إسرائيل سمير القنطار عمداً، فإن ذلك سيكون إحباطاً لتهديد محتمل كان يمثله، وليس ثأراً لهجوم عام 1979». وقال القيادي في حركة «حماس» باسم نعيم، إن «اغتيال المناضل سمير القنطار يؤكد أن الطرف الوحيد المستفيد من الحروب العبثية المدمرة في بلادنا هي إسرائيل. إن الاحتلال يضرب الجميع في المنطقة، فيما يتجنب الجميع التصعيد معه، بل قد يتحالف معه، إمّا رغبةً أو رهبة». ونعت لجنة أصدقاء الأسير يحيى سكاف "أسمى آيات الفخر والإعتزاز الأسير المحرر من السجون الصهيونية ورفيق درب الأسير يحيى سكاف، الشهيد سمير القنطار، وتوجهت اللجنة بأحر التعازي من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ومن عائلة القنطار ومن عموم المقاومين في مواجهة العدو الصهيوني".