جرى استقبال وفد اليساريين المغاربة الذي زار الجزائر، الأسبوع الماضي، بمناسبة أربعينية رجل الثورة حسين آيت أحمد، بموافقة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حسب مصدر حكومي جزائري، أكد بأن موضوع فتح الحدود ظل بعيدا عن الحديث الذي جمع أفراد البعثة المغربية، مع محدثيها في الجهات الرسمية. قال المصدر ل”الخبر” إن مسؤولين حزبيين في البلاد رفعوا إلى الرئاسة طلب اليساري المعارض المعروف، بن سعيد آيت يدّر، ملاقاة الرئيس بوتفليقة شخصيا، واستقر رأي الأخير في النهاية على أن يستقبله الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير الدولة وزير الخارجية رمضان لعمامرة. وأضاف المصدر بأن “رابطة الصداقة التي تجمع المناضل الاشتراكي الكبير بن يدّر، كانت دافعا قويا لرفع درجة محدثيه إلى مرتبة وزير أول ووزير خارجية”. وأضاف المصدر الرسمي بأن السلطات الجزائرية، “حرصت على إبعاد كل طابع رسمي عن المقابلات التي تمت مع بن يدّر، بدليل لم يتم تغطيتها من التلفزيون الجزائري، وذلك تجنبا لتأويلات قد يكون مصدرها جبهة القوى الاشتراكية التي جاء إليها الوفد المغربي معزيا في وفاة الراحل آيت أحمد. فلو تم استقباله رسميا كان الأفافاس سيقرأ ذلك على أنه محاولة للاستثمار سياسيا، في ظروف تتسم برحيل رمز معارضة النظام. أما مصدر التأويل الثاني فهو السلطات المغربية، كون بن يدّر من أكبر معارضيها وله مواقف تختلف عن الموقف الرسمي من الصحراء الغربية”.
والتقى سلال ببن يدّر ومعه سفير المغرب بالجزائر في مطعم بالعاصمة، وقال المصدر إن الحديث في مأدبة الغداء كان عاما شمل التحديات التي يواجهها المغرب العربي، وحلم الشعوب المغاربية في الوحدة، وهو ما يعرف منذ الخمسينات ب”مغرب الشعوب”، الذي لم يتحقق بسبب الخلاف الحاد بين أكبر بلدين بالمنطقة، حول ملف الصحراء الغربية. ولم يتم التطرق أبدا، حسب المصدر، إلى مسألة الحدود المغلقة بين البلدين، منذ صيف 1994، على عكس تقارير وسائل إعلام مغربية تناولت زيارة الوفد المغربي، الذي تنقل أعضاؤه إلى الجزائر، فرادى، الأربعاء 3 فيفري والخميس 4 فيفري بهدف المشاركة في أربعينية آيت أحمد التي جرت يومي الجمعة 5 والسبت 6. أما لعمامرة فتنقل بنفسه، حسب المصدر الرسمي، إلى بن يدّر بمكان إقامته بفندق “السفير” بالعاصمة “نظرا للمكانة التي يحظى به اليساري الكبير، لدى رجال الحكم بالجزائر منذ زمن بعيد”. وذكر المصدر أن لقاء لعمامرة به “كان شخصيا”. ومهما كانت “التخريجات” التي أرادتها الجزائر، لطريقة استقبال السياسيين المغاربة، فإن اختيار مسؤولين بارزين كمحاورين لهم يمكن فهمها على أنها رسالة سياسية إلى الرباط، تدخل في إطار “المشاكسات المزعجة” التي يتبادلها الطرفان من حين لآخر. وضم الوفد وزير الخارجية سابقا سعد الدين العثماني وهو رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة المغربية، وناشطون سياسيون يساريون معروفون أبرزهم محمد اليازغي القائد الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي، واسماعيل العلوي، الأمين العام الأسبق لحزب التقدم والاشتراكية. أما آيت يدّر فيحمل صفة قيادي بالحزب الاشتراكي الموحد، وهو أيضا رئيس “مركز محمد بن سعيد آيت يدّر للدراسات والأبحاث”.
ونقلت الصحيفة الإلكترونية “360.ma” عن اليازغي لدى عودته إلى المغرب مساء الإثنين الماضي، قوله إن ملف الصحراء كان حاضرا في اللقاءين مع سلال ولعمامرة. وكان قيادي في حزب من الأحزاب الجزائرية، التي التقت البعثة المغربية، صرّح ل”الخبر” بأن بن يدّر وجه دعوة لسياسيين جزائريين للمشاركة في ملتقى كبير، سينظمه هو بمراكش في أفريل المقبل، يتعلق بالمغرب العربي ومصير الصحراء الغربية. وأظهر بن يدّر إصرارا على مشاركة الأفافاس، كون المرحوم آيت أحمد من المؤمنين بوحدة المغرب العربي. وحسب وسائل إعلام مغربية، لم تمانع حكومة الملك تنظيم التظاهرة، كما لم تبد أي تحفظ على أي طرف من أي بلد مغاربي، وجهت له الدعوة.