ضاعفت آلة القمع المغربية في الأراضي الصحراوية المحتلة، من وحشيتها، في اليوم الذي أعلن فيه رحيل الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، بعد أن أدهشتها المسيرات العفوية التي خرج فيها سكان المدن الصحراوية للتعبير عن الحزن في فقدان ”شيخ المجاهدين”، كما يلقبه الصحراويون. فقد تعرض عشرات المواطنين الصحراويين، أمس وأمس الأول، إلى مختلف أشكال العنف من طرف أعوان الأمن والدرك المغربيين. في حين، ذكرت مصادر من الأراضي الصحراوية المحتلة أن قوات الجيش الملكي المغربي أعلنت حالة الاستنفار في مواقع تمركزها خلف ”جدار العار” الذي يفصل الأراضي الصحراوية المحررة بالأراضي المحتلة. كما أرسلت قيادات قوات الأمن المغربية المختلفة تعزيزات ضخمة إلى الأراضي المحتلة تحسبا للطوارئ. وسادت حالة ارتباك كبيرة في أوساط البوليس والدرك المغربي في مدن الأراضي المحتلة، منذ أن خرج الناس مباشرة بعد إعلان وفاة السيد محمد عبد العزيز، متوجهين إلى بيت أهله في مدينة العيون لتقديم التعازي. وتشكّلت حشود كبيرة من المعزين، خاصة النساء. واضطر أهل الفقيد إلى فرش الساحة المحاذية للمنزل لاستقبال المعزين. وأقام العديد من المواطنين الصحراويين خيم العزاء قرب منازلهم. وتظاهر آخرون في شوارع مدن العيون، السمارة، الداخلة، بوجدور وغيرها، رافعين صور الرئيس الراحل والرايات الوطنية الصحراوية. وهي المشاهد التي ردت عليها قوات الأمن والدرك المغربيين بالقمع، مثلما حصل للناشطين الحقوقيين الصحراويين؛ فقد تعرض السيد محمد حالي، عضو الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة، وبعده المناضلة الصحراوية مريم البورحيمي، نائبة رئيس الجمعية الصحراوية لحماية ونشر الثقافة والتراث الصحراوي، إلى الضرب العنيف من طرف الشرطة، التي أرادت منعهما من التظاهر، في مواقع مختلفة للتعبير عن تأثرهما لفقدان الراحل محمد عبد العزيز. ولم تستطع قوات الاحتلال المغربي أن تخفي ما تقوم به من قمع هذه الأيام، رغم تضييقها على بعثة الأممالمتحدة ”مينورسو”، فقد فشلت في حجب صفحات الناشطين الصحراويين على ”الفايسبوك”، بعد أن تناقلت المواقع الإخبارية العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي، صور القمع الذي يتعرّض له الصحراويون في عز ألمهم بفقدان رئيسهم. ومعلوم أن المدن الصحراوية في الأراضي المحتلة لم تعرف هدنة منذ الثامن نوفمبر 2010، عندما نصب الصحراويون 3 آلاف خيمة في صحراء اقديم ازيك البعيدة حوالي 12 كيلومترا عن مدينة العيون المحتلة، وما تبعها من قمع وقتل مارسته قوات الاحتلال المغربي لاقتلاع المخيم. ولم تتوقف المظاهرات والاعتصامات، منذ ذلك التاريخ، وكذلك التوقيفات والقمع متعدد الأشكال ضد المناضلين الصحراويين والنساء والأطفال، وحتى القتل.