تستذكر عائلة الطفل لعموري في اليوم الثمانين، وبحزن شديد حادثة اختفاء ابنهم بدر الدين الذي أصبح عمره 14 عاما، ولم يعرف مصيره لحد كتابة هذه الأسطر. ففي الثلاثين من شهر أفريل الماضي، خرج بدر الدين من منزل العائلة بحي عماري عبد القادر ببلدية عين بسام ولاية البويرة للدراسة، إلا أنه لم يعد. لغز اختفاء بدر الدين لا يزال قائما حتى الآن، وعائلته تتجرع كل يوم مرارة اختفاء ابنها بعد مرور أكثر من 80 يوما، وكلما ظهر بصيص أمل يشير إلى مكان وجوده، إلا ويتلاشى بعد نفي الأجهزة الأمنية للمعلومات التي حاولت البحث والتحري، من خلال استخدام وسائل متعددة في تمشيط أحياء بلدية عين بسام. نفسية الوالدة متعبة جدا ورغم آلاف الشائعات التي تم تناقلها منذ حادثة اختفاء بدر الدين، إلا أنها لم تثن عزم الأسرة عن متابعة أي طرف خيط، غير أن ذلك كان يضعها دائما في دوامة وابل من الهواجس التي لا جواب لها، فلا يلبث أفرادها أن يلجأوا بالدعاء إلى الله أن يفرج عن ابنها، كلما اشتدت عليها حرقة غيابه. زارت “الخبر” بيت العائلة، حيث استقبلتنا الجدة والوالدة التي أتعب الألم نفسيتها، وهي تعيش منذ لحظة سماعها بخبر اختفائه حالة من الترقب والانتظار بعودة ابنها حتى أنه لا يغيب اسمه عن لسانها. والد بدر الدين، لعموري محمد، الذي يعمل في التجارة الحرة، يؤكد خلال حديث ل“الخبر”، أن ابنه ما يزال حياً، ويأمل عودته ويشاركهم الحياة وعيد الأضحى. ويقول الوالد “أتابع أية معلومة يمكن أن أحصل عليها، تفيد بفك اللغز المحير لاختفاء فلذة كبدي”. ويضيف الوالد، أنه تقدّم منذ شهرين وفي نفس تاريخ اختفاء ابنه بشكوى إلى مركز أمن الدائرة، مفادها طلب فتح ملف اختفاء ابنه بدر الدين. وتلقت العائلة آخر اتصال يوم الأحد الماضي من أحد الموّالين، كشف لهم أن الطفل انتقل صحبة أحد الأشخاص في شاحنة باتجاه مدينة عين وسارة، كما أنه أعطاهم كل المعلومات .. وأضافوا “ما هي إلا ساعات حتى دخلنا المدينة انتقلنا إلى الأشخاص المعنيين بحي لاقار بعين وسارة، وعرضنا عليهم الصور وأكدوا رؤية الطفل، غير أنهم لم يشيروا لنا عن وجهته، فقمنا بالتبليغ عنهم لدى مصالح الشرطة”. ويضيف والد بدر الدين في جديد قضية الاتصالات، أن رقم هاتف ابنه رن خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، غير أنه ما فتئ وأن أعيد غلقه، كما أنه تلقى مكالمة من سيدة من مدينة مستغانم تخبره برؤية الطفل بدر الدين بمحطة المسافرين بالخروبة منذ قرابة الشهر، وهو الأمر الذي أحيا نفسا جديدا لدى العائلة في أن ترى ابنها حيا يرزق. 200 شخص محل استجواب من جهة أخرى، علمت “الخبر”، أن عناصر الشرطة بأمن دائرة عين بسام، استجوبت أكثر من 200 شخص من أجل فك لغز الاختفاء، كما أنها وضعت رقم هاتف الطفل تحت المراقبة، بعد أن علم أن هاتف بدر الدين فتح عدة مرات لمدة لم تتجاوز الربع ساعة. كما علمت “الخبر” أيضا، أن فرقة مختصة في الإجرام من الدرك الوطني لا زالت تعكف على التحقيق، خاصة بعد دعوات السكان المتتالية. تضامن في الشارع والانترنت كان الثلاثون من أفريل الماضي، يوما حزينا موشوما في ذاكرة العائلة والجيران، خاصة وأنه تزامن مع إجراء نهائي كأس الجمهورية، وفيه انتشر خبر اختفاء الطفل بدر الدين بسرعة البرق، وظن الجميع أن الطفل توجّه للملعب لمشاهدة المباراة في بادئ الأمر. بعد أسبوعين من اختفاء الطفل بدر الدين، خيّم الحزن على المدينة، وأغلقت المتاجر وخرج السكان إلى الشارع في مشهد مهيب ليبعثوا برسائل التضامن ومساعدة العائلة على عملية البحث، وجابوا الشوارع الرئيسية، أين تتواجد المؤسسات العمومية. وفي الأسبوع الثالث، زادت حدة القلق لدى أفراد العائلة، مما جعلهم ينظمون رحلة بحث جابت مختلف الشوارع والمحلات المغلقة، بالإضافة إلى الطرقات الريفية والثانوية للمدينة وعلى أطرافها، كما استغل بعض الشباب الفضاء الافتراضي ووزعوا المنشورات ونداءات البحث. بصيص أمل .. تلاشى بعد شهر من الاختفاء، روى بعض الشباب المتطوع في حملة البحث عن بدر الدين المختفي ل”الخبر”، أنهم تلقوا عدة اتصالات مفادها رؤية الطفل، وكانت البداية من بلدية سدراية، فتنقلوا وقاموا بعملية تمشيط لها لكنهم عادوا خائبين. وأضافوا أنهم لم ييأسوا أبدا في البحث عنه، خاصة بعد أن تلقوا اتصالا آخر مفاده أن الطفل موجود بحي 140 مسكن بالبويرة، لينتقل السكان إلى عين المكان، غير أنهم لم يعثروا عليه. يشار إلى أن قضية اختفاء الطفل بدر الدين شغلت الرأي العام وتعاطف المواطنين، وظروف اختفائه جعلت العشرات من المواطنين من داخل مدينة عين بسام وخارجها في تساؤل دائم وترقّب مستمر لفك لغز الاختفاء وانتظار ما سيكون مصير الطفل.