دخلت السيدة الزهرة شواطي مجال صناعة وبيع النحاس باكرا بولاية ڤالمة، وهي التاجرة والحرفية وصاحبة تكوين في هذا المجال الذي طالما احتكره الرجال، لم تشأ هي وشقيقتها التخلي عن حرفة والديهما، وأصرتا على أن يبقى المحل الواقع بنهج (محمد دبابي) وسط المدينة بعد وفاته يستقبل زبائنه. تحدثت الحرفية التي استقبلتنا في محلها عن سر اختيارها لهذه (الصنعة) فقالت: “ورثت وشقيقتي هذا العمل عن والدي رحمه الله، وكانت له علاقة تجارة بحرفيين من ولاية قسنطينة، رفضنا أن يتسلم غرباء محله، فعملنا بداية ببيع قطع النحاس، ثم فكرت في الالتحاق بورشات التكوين بقسنطينة. أخذت عن شيخ النحاسين بودينار والسيد قارة وعمي السعودي، وضمن ورشات متنوعة أخذت تدريجيا أتعلم (الصنعة) وأتعرف على خباياها، وعلى طرق التعامل مع التجار، الحرفيين ومع الزبائن. ما تعلمته على يد (الصنايعيين) يعد تجربة فريدة لواحدة من نساء ولاية ڤالمة”. اعتبرت الحرفية نفسها الوحيدة التي اقتحمت هذه الصنعة بالولاية، وهي أيضا الوحيدة بين أقرانها من الرجال في ورشة التكوين بقسنطينة، قالت: “تعلمت في ورشات للنقش على (السينية) مثلا، وتعلمت الرسم على وريقات لتحديد مسارات النقش، وطرق تنظيف النحاس، وتغيير لونه إلى أبيض كون اللون الأصلي أحمر وأصفر، تعرفت على (المقطع، الزبرة، المسمار والمطرقة) وتمكنت من صناعة عدة قطع والرسم عليها”. وتشكو السيدة الزهرة وكغيرها من الحرفيين شح مصادر التمويل وقلة الإمكانيات وصعوبات تسويق منتجاتها، كما تحدثت بحسرة عن مشروع فتح ورشة لصناعة النحاس بالولاية الذي اصطدم بعوائق. اعتبرت السيدة الزهرة أن التكوين الذي خضعت له بالجزائر العاصمة أيضا في مجال التسويق والإشهار لمنتجها مكنًها من التعرف على طرق التعامل وجذب الزبائن والعرض، كما أن المشاركة في تظاهرات عبر الوطن بدعوة من مديريات الثقافة والسياحة وغرفة الصناعات التقليدية والجمعيات الناشطة محليا مكنتها من الترويج لبضاعتها. وتبقى، حسبها، تجربة متفردة تقودها امرأة، تقول “تعودت على العمل وأحاول تجاوز الصعوبات، لأنه قبل كل شيء “ريحة بابا” الذي خلف محلا مليئا بقطع النحاس، وأنا أحاول جاهدة المحافظة عليه”.