أثارت عملية استبدال تسميات العديد من شوارع مدينة وهران، موجة من الاستياء الشعبي، إذ يجري العديد من فعاليات المجتمع المدني تحضيرات لتنظيم وقفة احتجاجية في ساحة بن داود بحي الدرب بوهران، للمطالبة بالمحافظة على تسميات الشوارع بأسماء شهداء الثورة التحريرية ورموز مدينة وهران. وانتبه سكان حي سيدي الهواري العتيق، في الأيام القليلة الماضية، بقدوم مستخدمي مؤسسة خاصة قامت بتثبيت لوحة تسمية جديدة في شارع الإمام الهواري، التي يقع فيها ضريح هذا العالم الذي يحمل الحي العتيق تسميته، الذي تم تصنيفه من طرف وزارة الثقافة في بداية السنة الجارية كتراث وطني محمي، وهو ما استغرب له سكان الشارع ثم الحي، خاصة وأن عملية استبدال التسميات مست العديد من الشوارع فيه، وما أثار الاستياء الأكبر هو تسمية طريق في الغابة المؤدية إلى أعلى جبل مرجاجو باسم أحد أكبر مجاهدي وهران، وهو المرحوم عبد الحميد سراج، الوزير الأسبق للبريد والمواصلات، وهو طريق غابي غير مأهول، ما أثار كثيرا من الاستياء في مدينة وهران، التي يعتقد كثير من سكانها أن “سي عبد الحميد تعرض للإهانة، وهو المجاهد ابن حي المدينة الجديدة، الذي التحق بالثورة التحريرية شابا يافعا، وخدم الدولة الجزائرية بتفان من خلال المناصب التي شغلها في الإدارة العمومية، وكان قد حظي بتقدير كبير من طرف المجاهد الحاج لخضر حين تولى مهام والي ولاية باتنة”.
ولم يفهم الناس في وهران لماذا لجأت اللجنة البلدية للتسميات إلى الشوارع القديمة المسماة بأسماء شهداء وأعيان تاريخيين، واستبدلتها بأسماء شهداء آخرين ومجاهدين توفوا في مرحلة الاستقلال، وذكروا أنه “توجد في المدينة أحياء بكاملها ومئات الشوارع لا تحمل تسميات، كان من الأولى أن تسميها البلدية بأسماء هؤلاء الشهداء والمجاهدين، ولا يحق لها أن تمحو من الذاكرة الوطنية أسماء شهداء كبار، على غرار الشهيد فيرنان إيفتون، الذي أعدم بالمقصلة في عهد وزير العدل الفرنسي فرانسوا ميتران خلال الحرب التحريرية”. واعتبر الغاضبون من عملية “محو اسم فيرنان إيفتون” من الشارع الذي يحمل تسميته والواقع في حي الدرب الشعبي، “اعتداء فاضحا على ذاكرة الجزائريين كلهم”. وكانت مدينة وهران قد شهدت أول عملية نزع تسمية في ساحة محطة القطارات بحي بلاطو، التي كانت تحمل تسمية المجاهد محند أولحاج، في عهد الوالي الأسبق، الطاهر سكران، واستبدلته باسم مجاهد توفي بعد الاستقلال. وهي العملية التي رفضها سكان الحي آنذاك، لكونهم يعتبرون المجاهد محند أولحاج بطلا وطنيا أوقف “تمرد الولاية التاريخية الثالثة”، وتنقل مع جنوده إلى وهران عبر القطار ليلتحق بالحدود الغربية للبلاد للمشاركة في صد هجوم الجيش الملكي المغربي على الجزائر سنة 1963. ثم تلاه ما حدث لمقام الولي الصالح سيدي امحمد بن عودة، الذي تم هدمه في عهد الوالي السابق عبد المالك بوضياف، لإنجاز منتجع للألعاب. وهو الولي الصالح المجاهد الذي تنقل من غليزان على رأس جيش من الخيالة للمشاركة في صد غزوة إسبانية، وكرمه الباي محمد الكبير ببناء قبة في الربوة المطلة على ميناء وهران من الجهة الشرقية، لتخليد جهاده. وبعد مساع قام بها مجموعة من سكان وهران، أمر الوالي الحالي، عبد الغاني زعلان، البلدية بإعادة بناء القبة.
وجاءت هذه الأيام عملية خلع تسمية الإمام الهواري من الشارع الذي يحمل اسمه في الحي العتيق. وهو ما اعتبره الوهارنة “مساسا برموز المدينة”. ولم يصدر من منظمتي المجاهدين وأبناء الشهداء أي مواقف بخصوص نزع التسميات القديمة للشهداء، وهما الشريكتان في تسمية الشوارع حسب القانون البلدي. في الوقت الذي يتداول فيه الناس أن العلمية “قامت بها شركة خاصة للإسراع بعملية إنجاز دليل معلوماتي للشوارع والساحات والمؤسسات في وهران للاستخدام في التوجيه الآلي للسيارات”.